للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أرادكم على كل شيءٍ، وهو يريد أن يأخذ أموالكم، فقالوا: أنت كبيرنا وسيدنا، فمر بما شئت، قال: نبرطل فلانة البغىّ، حتى ترميه بنفسها، فيرفضه بنو إسرائيل، فجعل لها ألف دينار. وقيل: طستاً من ذهب. وقيل: طستاً من ذهب مملوءةً ذهباً. وقيل: حكمها، فلما كان يوم عيدٍ قام موسى فقال: يا بنى إسرائيل، من سرق قطعناه، ومن افترى جلدناه، ومن زنى وهو غير محصنٍ جلدناه، وإن أحصن رجمناه، فقال قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قال: فإنّ بنى إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فأحضرت، فناشدها موسى بالذي فلق البحر، وأنزل التوراة أن تصدق، فتداركها الله فقالت: كذبوا، بل جعل لي قارون جعلاً على أن أقذفك لنفسي، فخرّ موسى ساجداً يبكى وقال: يا رب، إن كنت رسولك فاغضب لي. فأوحى إليه: أن مر الأرض بما شئت، فإنها مطيعةٌ لك. فقال: يا بنى إسرائيل، إنّ الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليلزم مكانه، ومن كان معنى فليعتزل، فاعتزلوا جميعا غير رجلين، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى الركب، ثم قال: خذيهم، فأخذتهم إلى الأوساط، ثم قال: خذيهم، فأخذتهم إلى الأعناق، وقارون وأصحابه يتضرعون إلى موسى عليه السلام ويناشدونه بالله والرحم، وموسى لا يلتفت اليهم لشدّة غضبه، ثم قال: خذيهم، فانطبقت عليهم. وأوحى الله إلى موسى: ما أفظك! استغاثوا بك مراراً فلم ترحمهم، أما وعزتي لو إياى دعوا مرةً واحدةً لوجدوني قريباً مجيباً، فأصبحت بنو إسرائيل يتناجون بينهم: إنما دعا موسى على قارون ليستبد بداره وكنوزه، فدعا الله حتى خسف بداره وأمواله. (مِنَ المُنْتَصِرِينَ) من المنتقمين من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (أرادَكُمْ على كلِّ شيء)، ضُمِّنَ ((أرادَ)) معنى ((قَهَرَ)) فعُدِّيَ تعديتَه؛ أي: قهرَكُمْ على كلِّ شيءٍ يريدُه.

قولُه: (نُبَرْطِلُ)، أي: نرشو؛ مِنَ البِرْطيل.

قولُه: (وقيل: حَكَّمَها)، أي: جَعَلَها حاكِمًا لنفسِها بما شاءتْ مِنَ المال. ويروي: ((حُكْمَها) أي: ما حَكَمَتِ البغيُّ في مالِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>