للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وي كأنّ من يكن له نشبٌ يحـ … ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ

وحكى الفراء أنّ أعرابية قالت لزوجها: أين ابنك؟ فقال: وى كأنه وراء البيت. وعند الكوفيين أنّ «ويك» بمعنى: ويلك، وأنّ المعنى: ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون. ويجوز أن تكون الكاف كاف الخطاب مضمومةً إلى وى، كقوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا قلتَ: كأنّ هذا الكافرَ لا يُفلِح؛ فُهِمَ مِنكَ أنّ حالَهُ حالُ مِنْ لا يُفلِح. هذا تقريرُ كلامِ المصنِّف، لكنْ يفتقرُ إلى مزيدِ بيان؛ فتقول: إنهُ أبرزَهُ مَبرَزَ فِعلِ التعجُّب؛ لِما في ((وَيْ)) مِنْ معنى التعجب. وأشارَ بقولِه: ((حال)) إلى أنّ الضميرَ في ((كأنه)) للحال، والباءُ في ((بأنّ)) صلةُ ((أشْبَهَ) يعني: ظَهَرَ لنا مِنْ حالِ قارونَ- وهوَ استمتاعُهُ بالدنيا واغترارُهُ بزهرتِها، ثُمّ خسفُهُ بالأرضِ- مشابِهٌ لما تقرّرَ بأنّ الكافرينَ لا يُفلِحون.

قولُه: (أنّ ((وَيْكَ)) بمعنى: وَيْلَك)، وأنّ المعنى: ألم يعلم أنّه لا يُفْلحُ الكافرون. وحكي صاحبُ ((المَطْلعِ)) عن خلفٍ الأحمرِ أنّ ((وَيْكَ)) بمعنى ((وَيْلك)) فحُذِفَ اللامُ استخفافًا، ونُصِبَ ((أنّ الله)) بفعلٍ مُضمَرٍ تقديرُه: وَيْلَك، اعلَمْ أنّ الله. قالَ الزجاج: هذا الخطأُ مِنْ غيرِ وجه؛ إذْ لوْ كانَ كما قال؛ لكانتْ ((إن)) مكسورةً ولمْ يُحذَفِ اللامُ منه؛ لأنهُ يقال: وَيْلَك، إنهُ لا يُفلِح. والصحيحُ ما ذكَرَهُ سيبويه عنِ الخليلِ ويونس: أنّ ((وَيْ)) مفصولةٌ مِنْ ((كأن) والقومُ تنبّهُوا فقالوا: وَيْ؛ مُتندِّمِينَ على ما سَلَفَ مِنهم، وكلُّ مَنْ تَندّمَ أو نَدِم؛ فإظهارُ ندامتِهِ أو تندُّمه أنْ يقول: وَيْ، كما يعاتَبُ الرجُلُ على ما سلفَ مِنهُ فيقول: وَيْ كأنكَ قصدتَ مكروهي. قال العرجيّ:

سَالتاني الطلاقَ أنْ رأتاني … قلّ مالي قدْ جِئتُماني بنُكْرِ

ويكأنْ مَنْ يكنْ لهُ نَشَبٌ يُحْـ … ـبَبْ ومَنْ يفتقِرْ يَعِشْ عيش ضُرّ

<<  <  ج: ص:  >  >>