كما لو قال: أمرتهم بأن ينتهبوها. ومنه قوله تعالى:(وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ)] البقرة: ١٣٢ [أى: وصاهم بكلمة التوحيد وأمرهم بها، وقولك: وصيت زيدًا بعمرو، معناه: وصيته بتعهد عمرٍو ومراعاته ونحو ذلك، وكذلك معنى قوله:(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً): وصيناه بإيتاء والديه حسنا، أو بإيلاء والديه حسنا؛ أى: فعلا ذا حسن، أو ما هو في ذاته حسن لفرط حسنه، كقوله تعالى:(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)] البقرة: ٨٣ [وقرئ: (حسنا)، و (إحسانا)، ويجوز أن تجعل (حُسْناً) من باب قولك: زيدًا، بإضمار (أضرب) إذا رأيته متهيئًا للضرب، فتنصبه بإضمار:
الجوهريُّ: قال ابن السِّكِّيت: كَذَبَ [هاهنا] إغراءٌ؛ أي: عليكم به. وهي كلمة نادرةٌ جاءت على غير القياسِ، والقَراطِفُ جمعُ القَرْطَفِ: وهي القَطِيفةُ. والقَرْفُ- بالفتح: وِعاءٌ من جِلْد يُدْبَغُ بالقِرْفَةِ؛ أي: قُشُور الرُّمّانِ ويُجْعَل فيه الخَلْعُ، وهو لَحمٌ يُطبخ بتَوابِلَ فيُفْرَغُ فيه. والبيت لِمُعَقِّرِ بن حِمارٍ البارِقيِّ، يَصِفُ امرأةً ذُبْيانيَّةً أَمَرَت بَنِيها بأنْ يَنتَهِبُوها؛ أي: عليكم بها فاغتَنِموها.
قوله:(وقرئ: {حُسْنًا} و ((إحسانً)))، الأُولى: مشهورةٌ، والثانيةُ: شاذَّةٌ. قال الزَّجّاجُ:{حُسْنًا} معناه: ووصينا الإنسان أن يَفعلَ بوالِدَيْه ما يَحسُنُ، و ((إحسانًا)) معناه: ووَصَّينا الإنسانَ أن يُحسِنَ إلى والِدَيْهِ إحسانًا. والأُولى أعمُّ في البِرِّ. وقيل: يَعُمُّ الفعلَ والقولَ.
قوله:(أن تَجعلَ {حُسْنًا} من باب قولك: زيدًا، بإضمار: اضرِبْ) عطفٌ على قوله: ووَصَّيناهُ بإيتاء والِدَيهِ حُسنًا، وعلى الأوَّل المضافُ محذوفٌ وهو العاملُ في {حُسْنًا}