للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نصب (إِبْراهِيمَ) بإضمار (اذكر)، وأبدل عنه (إِذْ) بدل الاشتمال؛ لأنّ الأحيان تشتمل على ما فيها. أو هو معطوف على (نُوحاً) وإذ: ظرف لـ (أرسلنا)، يعنى: أرسلناه حين بلغ من السنّ والعلم مبلغًا صلح فيه لأن يعظ قومه وينصحهم، ويعرض عليهم الحق ويأمرهم بالعبادة والتقوى. وقرأ إبراهيم النخعي وأبو حنيفة رحمهما الله: (وإبراهيم)، بالرفع على معنى: ومن المرسلين إبراهيم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) يعنى: إن كان فيكم علم بما هو خير لكم مما هو شر لكم. أو إن نظرتم بعين الدراية المبصرة دون عين الجهل العمياء؛ علمتم أنه خير لكم. وقرئ: (تخلقون) من: (خلق) بمعنى التكثير في (خلق)، و (تخلقون) من: (تخلق) بمعنى: تكذب وتخرص. وقرئ: (أفكا)، وفيه وجهان:

أن يكون مصدرًا، نحو: كذب ولعب. والإفك: مخفف منه، كالكذب واللعب من أصلهما، وأن يكون صفةً على (فعل)، أى: خلقًا إفكًا، ذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو إنْ نَظرتُم بعَينِ الدِّرايةِ المُبصِرَةِ) وعلى هذا {تَعْلَمُونَ} يجري مجرى اللاّزِم؛ نحو: فلانٌ يُعطي ويَمنعُ، وعلى الأوَّل المتعلِّق محذوفٌ بقرائنِ الأحوالِ، ولهذا قال: ((علمتُم أنه خير لكم) وقوله: ((علمتم أنه خير لكم)) جزاءٌ على التَّقديرَينِ يدلُّ عليه ما قبلَ الشَّرطِ.

قوله: (وقرئ: ((تُخَلِّقُون))) قال ابن جِنِّي: قرأها السُّلَميُّ وزيد بن عليّ. وقرأ فُضَيل ابنُ مروانَ: ((تَخْلِقُون أَفِكَاً)) بفتح الهمزةِ وكسرِ الفاء، وأمّا ((تَخْلِقُونَ)) فعَلَى وَزْنِ: تَكْذِبُون، ومعناه.

وأمّا ((أَفِكًا))، فإمّا أن يكونَ مصدرٌ كالكَذِبِ والضَّحِكِ، وإمّا أن يكون صفةَ مصدرٍ محذوفٍ؛ أي: تَكْذبون كَذِبًا أَفِكًا، فحُذف وأُقيمتِ الصِّفةُ مقامَه؛ نحو: قمتُ مِثلَ ما قامَ زيدٌ؛ أي: قيامًا مثل قِيامِ زيدٍ. و ((أَفِكَ)) على هذا صفةٌ كبَطِرَ وأَشَرِ، ويجوز أن يكون بمعنى ((آفِك)) اسمُ فاعلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>