كان لوط ابن أخت إبراهيم عليهما السلام، وهو أول من آمن له حين رأى النار لم تحرقه (وَقالَ) يعنى إبراهيم: (إِنِّي مُهاجِرٌ) من كوثى، وهي من سواد الكوفة إلى حرّان ثم منها إلى فلسطين، ومن ثمة قالوا: لكل نبى هجرة، ولإبراهيم هجرتان، وكان
لأنَّ العاملَ في ذِي الحالِ هو العاملُ في الحال، ولو قَدَّرْنا أن يكون العاملُ فيها {مَّوَدَّةَ} لَزِمَ أن يجتمعَ عاملانِ على معمولٍ واحدٍ، ويجوز أن يكونَ {فِي الْحَيَاةٍ} صفةً أخرى لـ {مَّوَدَّةً}. والتقدير: إنّما اتَّخذتم مِن دُون الله أوثانًا مودَّةً مستقرَّةً بينكم، ثابتةً في الحياة الدُّنيا، فلمّا حُذف العاملانِ تحوَّل الضميرُ إلى الطَّرفَينِ. هذا تلخيصُ كلامِه. ثم قال: فافهَم هذه المسألةَ، فإنَّها من أسرار النَّحو وغرائبِه.
وقال صاحب ((الكَشْف)): يجوز عندي أن تَعملَ المودَّة الموصوفة {فِي الْحَيَاةِ}؛ لأنَّه ظرفٌ، والظَّرفُ يُفارق المفعولَ به.
وقال أبو البَقاءِ: ويجوز أن يتعلَّق {فِي الْحَيَاةِ} بـ {اتَّخَذْتُم} إذا جعلتَ ((ما)) كافَّة.
قوله:(كان لوط ابن أخت إبراهيم). وفي ((جامع الأُصول)): هو لُوط بن هاران بن تارِح- بالحاء المهملة- وهاران هو أخو إبراهيمَ الخليلِ- عليه السّلام- ولوطٌ ابنُ أخيهِ، آمَنَ بإبراهيمَ وشَخَص معه مهاجرًا إلى الشام، فنَزل إبراهيمُ فلسطينَ، وأَنزلَ لوطًا الأردنَّ، فأرسلَه اللهُ إلى أهل سَدُوم.
قوله:(ولإبراهيمَ هِجْرتانِ) عن أبي داودَ، عن عبدالله بن عمرٍو قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سَتكون هجرةٌ بعدَ هجرةٍ، فخِيارُ أهلِ الأرضِ أَلْزَمُهم مُهَاجَرَ