النزول للإقامة. يقال: ثوى في المنزل، وأثوى هو، وأثوى غيره وثوى: غير متعد، فإذا تعدى بزيادة همزة النقل لم يتجاوز مفعولًا واحدًا، نحو: ذهب، وأذهبته. والوجه في تعديته إلى ضمير المؤمنين وإلى الغرف: إمّا إجراؤه مجرى لننزلنهم ونبوئنهم. أو حذف الجار وإيصال الفعل: أو تشبيه الظرف المؤقت بالمبهم. وقرأ يحيى بن وثاب:(فنعم)، بزيادة الفاء (الَّذِينَ صَبَرُوا) على مفارقة الأوطان والهجرة لأجل الدين. وعلى أذى المشركين، وعلى المحن والمصائب، وعلى الطاعات، وعن المعاصي، ولم يتوكلوا في جميع ذلك إلا على الله.
[(وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا الله يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)] ٦٠ [
لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم بمكة بالهجرة، خافوا الفقر والضيعة. فكان يقول الرجل منهم: كيف أقدم بلدةً ليست لي فيها معيشة، فنزلت. والدابة: كل نفٍس دبت على وجه الأرض، عقلت أو لم تعقل. (لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) لا تطيق أن تحمله
قال مَكِّيٌّ: من قرأ بالثاء المثلَّثة من الثَّواء فـ {غُرَفًا} منصوبٌ بحَذْف حرف الجرِّ؛ لأنَّه لا يتعدَّى إلى مفعولين. ولا يَحسُن أن يُنصبَ ((الغُرَف)) على الظَّرف؛ لأنَّ الفعل لا يتعدَّى إلى مفعولَينِ، يقول: بَوَّاتُ زيدًا منزلاً. وأما قوله:{وَإِذْ بَوَّانَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ}[الحج: ٢٦]، فاللاّم زائدةٌ كزيادتها في {رَدِفِ لَكُم}[النمل: ٧٢] أي: رَدِفَكُم.
قوله:(أو تَشبيهُ الظَّرفِ المؤقَّتِ بالمُبْهَمِ) أي: المعيَّنِ المَحْدودِ، وهذا أسْهَلُ في المُنكَّر منه في المُعرَّف في قول القائل:
كما عَسَل الطَّريقَ الثَّعلَبُ
لِمَا فيها منَ الإبهام، ومثل {غُرَفًا} في مجيئه ظرفًا منكرًا ((أرضًا)) في قوله: {أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا}[يوسف: ٩]. في ((المطلع)).