للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على صحة النبوّة، وأن القرآن من عند الله؛ لأنها إنباء عن علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. وقرئ: (غلبهم) بسكون اللام. والغلب والغلب مصدران كالجلب والجلب، والحلب والحلب. وقرئ: (غلبت الروم) بالفتح، وسيغلبون، بالضم. ومعناه أن الروم غلبوا على ريف الشام وسيغلبهم المسلمون في بضع سنين. وعند انقضاء هذه المدّة أخذ المسلمون في جهاد الروم، وإضافة (غلبهم) تختلف باختلاف القراءتين، فهي في إحداهما إضافة المصدر إلى المفعول. وفي الثانية إضافته إلى الفاعل. ومثالها: (مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ)] البقرة: ٨٥ [، (وَلَنْ يُخْلِفَ الله وَعْدَهُ)] الحج: ٤٧ [. فإن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرئ: ((غَلَبَتِ الرُّومُ)) بالفتح)، روى الترِّمذيُّ، عن أبي سعيد: لما كان يومُ بدرِ ظهرت الرُّوم على فارسَ، فأعجب ذلك [المؤمنين] فنزل: {أَلَم*غُلِبَتِ الرُّومُ} إلى قوله: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ*بِنَصْرِ اللَّهِ} قال: ففرح المؤمنون بظُهور الرُّوم على فارسَ.

قال التَّرمذيُّ: وهكذا قرأَ نصرُ بن عليٍّ: ((غَلَبَت)). قال الزَّجاج: قرأ أبو عمرو وحدَه: ((غَلبت الرُّوم)) بفتح الغين، والمعنى على {غُلِبَتِ}، وهي إجماع القرّاء، وذلك أن فارسَ كانت قد غلبتِ الرُّومَ في ذلك الوقت، فالرُّوم مغلوبة، فالقراءة {غُلِبَتِ}.

وقلت: التِّرمذيُّ من الثقات، والتَّوفيقُ بين الرِّوايتينِ أن يُقالَ: إنها نزلت مرَّتين، مرةً في مكَةّ؛ {غُلِبَتِ} بالضِّم، وأخرى يومَ بدرٍ؛ بالفتح.

وتأويل الفتح ما ذَكَره المصنِّف أن الرُّومَ غَلبوا على رِيف الشّام، وسَيغلبهم المؤمنون في بضع سنين. والرِّيف: أرضٌ فيها زَرعٌ وخَصْب.

<<  <  ج: ص:  >  >>