للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: ابتدأناكم في أوّل الأمر ضعافًا. وذلك حال الطفولة والنشء حتى بلغتم وقت الاحتلام والشبيبة، وتلك حال القوّة إلى الاكتهال وبلوغ الاشدّ، ثم رددتم إلى أصل حالكم وهو الضعف بالشيخوخة والهرم. وقيل: من ضعف من النطف، كقوله تعالى: (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ)] السجدة: ٨، المرسلات: ٢٠ [وهذا الترديد في الأحوال المختلفة، والتغيير من هيئةٍ إلى هيئةٍ وصفةٍ إلى صفة: أظهر دليٍل وأعدل شاهٍد على الصانع العليم القادر.

[(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ)] ٥٥ [

(السَّاعَةُ) القيامة، سميت؛ بذلك لأنها تقوم في آخر ساعةٍ من ساعات الدنيا،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أي: ابتدأناكم في أوَّل الأمر ضعافًا) فـ {مِّن} لابتداء الغاية، نحو قول القائل: فلانٌ ربّي فلانًا من فَقْره وجعله غَنيًّا؛ أي: من حالة فقرِه، فقوله: {مِّن ضَعْفٍ} أي: من حالةٍ كان فيها جَنينًا وطِفلاً مولودًا ورضيعًا.

قوله: (وبلوغ الأَشُدِّ) قيل: هو ما بين ثماني عشرةَ إلى ثلاثين، وهو واحدٌ على بناء الجمع. وقيل: هو جَمعٌ لا نظير له من لفظه. وكان سيبويه يقول: واحِدُه: شِدَّة.

الرّاغب: ويَدلُّ على أنَّ كلَّ واحدٍ من قوله: {ضَعْفٍ} إشارةٌ إلى حالةٍ غيرِ الحالةِ الأُولى؛ ذِكْرُهُ مُنكَّرًا.

قوله: (وقيل: من ضُعْف) من النُّطَف، أي: أنشأكم من ماءٍ ذي ضعْف، وهو قِلَّتُه وحَقارتُه كقوله تعالى: {مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ}.

قوله: ({السَّاعَةُ}: القيامة)، الراغب: السَّاعة جزءٌ من أجزاء الزَّمانِ، ويعبَّر به عن القيامة كقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} [الأعراف: ١٨٧] سُمِّيت بذلك لسرعةِ حسابها،

<<  <  ج: ص:  >  >>