للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه، كما يمنع الواعظ الموعظة من يتبين له أنّ الموعظة تلغو ولا تنجع فيه، فوقع ذلك كنايةً عن قسوة قلوبهم وركوب الصدأ والرين إياها، فكأنه قال: كذلك تقسو وتصدأ قلوب الجهلة، حتى يسموا المحقين مبطلين، وهم أعرق خلق الله في تلك الصفة، (فَاصْبِرْ) على عداوتهم (إِنَّ وَعْدَ الله) بنصرتك وإظهار دينك على الدين كله (حَقٌّ) لا بدّ من إنجازه والوفاء به، ولا يحملنك على الخفة والقلق جزعًا مما يقولون ويفعلون فإنهم قوم شاكون ضالون لا يستبدع منهم ذلك. وقرئ بتخفيف النون. وقرأ ابن أبى إسحاق ويعقوب: (ولا يستحقنك)، أى: لا يفتننك فيملكوك ويكونوا أحق بك من المؤمنين.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الروم كان له من الأجر عشر حسناٍت بعدد كل ملك سبح الله بين السماء والأرض، وأدرك ما ضيع في يومه وليلته».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولا يَحملَنَّك على الخِفَّة والقَلَق جَزَعًا)، فاعل ((لا يَحمِلَنَّك)): {الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}، على مِنْوال: لا أرَينَّكَ هنا و ((جَزَعًا)) تمييزٌ، والظاهر أنه مفعولٌ له، وإن لم يكن فعلاً لـ {الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}؛ لأنه لمّا كان المنهيُّ في الحقيقة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جاز ذلك، و ((مما يقولون)) متعلِّق بـ ((جزعًا)). المعنى: لا يَحمِلَنَّك الذين لا يُوقنون على ما يَدخُلُكَ منه خفّة؛ لأن يُجزع من قولهم؛ أي: لا تكُن بحيث يَحمِلُكَ الجَزَعُ على الخِفَّة والعَجَلة، فَتَمْنعَكَ من تبليغ الرِّسالة؛ كقوله تعالى: {فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} [الأعراف: ٢]. والله أعلم.

تَمَّتِ السُّورة بحمد الله وعَوْنه، وبالله المُستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>