يرتفع الموج ويتراكب، فيعود مثل الظلل، والظلة: كل ما أظلك من جبٍل أو سحاب أو غيرهما، وقرئ:(كالظلال)، جمع ظلةٍ، كقلة وقلال، (فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) متوسط في الكفر والظلم، خفض من غلوائه، وانزجر بعض الانزجار. أو: مقتصد في الإخلاص الذي كان عليه في البحر، يعنى أنّ ذلك الإخلاص الحادث عند الخوف، لا يبقى لأحٍد قط، والمقتصد قليل نادر. وقيل: مؤمن قد ثبت على ما عاهد عليه الله في البحر.
وروى الزَّجَّاجُ، عن قتادة: أَحَبُّ العِبادِ إلى الله تعالى مَن إذا أُعطي شَكَر، وإذا ابتُلى صَبرَ.
قوله:(فكأنه قال: إنَّ في ذلك لآياتٍ لكلٍّ مؤمنٍ) فهو من الكنايةِ المطلوبِ بها نفسُ الموصوفِ؛ نحو: الإنسان حيٌّ مستوي القامة، عريضُ الأظفار.
قوله:(مِن غُلَوائه)، الأساس: هو منِّي بغَلْوَةٍ سَهمٍ، وتقول: خَفِّضْ مِنْ غُلَوائك، وفَعل ذلك في غُلَواءِ شَبابِه.
المغرب: يقال: غَلا بسهمه غَلْوًا به غِلاءً: إذا رمى به أبعدَ ما قَدِرَ عليه.
قوله:(وقيل: مؤمنٌ قد ثبتَ على ما عاهدَ عليه الله في البحر): يريد أنَّ قوله تعالى: {فَمِنْهُم} للتَّفصيلِ، فلا بُدَّ من النَّظَرِ إلى قِسْم آخَرَ غيرِ المقتصد، فإذا جعل ذلك ما دَلَّ عليه {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا} قيل: فمنهم مقتصدٌ في الكفر ومنهم جاحِد، وإذا نُظَر إلى مُخْلصِين قيل: فمنهم مُقْتصدٌ في الإخلاص ومنهم جاحِد.
فالحاصلُ أنَّ المراد بالمقتصد الكافرُ باعتبارَين: إمّا متوسط في الظلم والكفر أو متوسط