للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يمسك؛ فإذا أمسك: ضاجع أو ترك، وقسم أو لم يقسم. وإذا طلق وعزل: فإما أن يخلى المعزولة لا يبتغيها، أو يبتغيها. وروى: أنه أرجأ منهن سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة، فكان يقسم لهنّ ما شاء كما شاء، وكانت ممن آوى إليه: عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب رضى الله عنهن، أرجأ خمسًا وآوى أربعًا.

وروى أنه كان يسوّى مع ما أطلق له وخير فيه إلا سودة؛ فإنها وهبت ليلتها لعائشة، وقالت: لا تطلقني حتى أحشر في زمرة نسائك. (ذلِكَ) التفويض إلى مشيئتك (أَدْنى) إلى قرّة عيونهن وقلة حزنهن ورضاهن جميعا؛ لأنه إذا سوّى بينهن في الإيواء والإرجاء والعزل والابتغاء، وارتفع التفاضل، ولم يكن لإحداهن مما تريد ومما لا تريد إلا مثل ما للأخرى، وعلمن أنّ هذا التفويض من عند الله بوحيه؛ اطمأنت نفوسهن، وذهب التنافس والتغاير، وحصل الرضا، وقرّت العيون، وسلت القلوب. (وَالله يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) فيه وعيد لمن لم ترض منهنّ بما دبر الله من ذلك وفوّض إلى مشيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث على تواطؤ قلوبهن والتصافي بينهن والتوافق على طلب رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فيه طيب نفسه. وقرئ: (تقرّ أعينهنّ) بضم التاء ونصب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلا سَبيلَ عليك بلومٍ ولا عَتَب، فجعلَ الجملةَ الشرطيةَ عَطْفًا على قوله: {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ} وقسيمًا لقوله: {تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ} ولم يذكر فائدةَ المعطوف، والمصنّفُ اعتبرَها، وذلك أنه فسر: {تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ} أولاً بالوجوهِ الأربعةِ الماضية، ثم ثنّى ببناءِ التقسيمِ الحاصِر على الوجهِ الثاني، على طريقةِ الجمْع من الوجوهِ الأربعةِ باستعانةِ انضمام قوله: {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} معها، على أنّ المرادَ بـ ((مَن عزلت)): المطلقةُ المبتغي إيواؤها، فأوجَب ذلك أن يُضَمَّنَ قولُه: {تُرْجِي مَن تَشَاءُ} معنًى يَشْملُ المعزولةَ غيرَ المُبتغي إيواؤها أيضًا ليستَقيم ذلك التقسيم، فحينئذ ((أو)) في الوجوهِ المذكورةِ للتنويعِ لا للترديدِ أو للإباحة، كما في قولِه تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ} [البقرة: ١٩]، وقولُه: ((ورُويَ: أنه أرجَأ منهن)) إلى آخره: بيانٌ لبعضِ مَنْ وقعَ إليه التقسيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>