قلت: ما دلّ عليه: (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)، وقد سبق نظيره. فإن قلت: الجديد: فعيل، بمعنى فاعل أم مفعول؟ قلت: هو عند البصريين بمعنى فاعل، تقول: جد فهو جديد، كحد فهو حديد، وقلّ فهو قليل. وعند الكوفيين بمعنى: مفعول، من جده إذا قطعه. وقالوا: هو الذي جده الناسج الساعة في الثوب، ثم شاع. ويقولون: ولهذا قالوا: "ملحفة جديد"، وهي عند البصريين كقوله تعالى:(إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ)] الأعراف: ٥٦ [ونحو ذلك. فإن قلت: لم أسقطت الهمزة في قوله: (أَفْتَرى) دون قوله: (السحر)، وكلتاهما همزة وصل؟ قلت: القياس الطرح، ولكن أمرا اضطرّهم إلى ترك إسقاطها في نحو:(السحر) وهو خوف التباس الاستفهام بالخبر؛ لكون همزة الوصل مفتوحة كهمزة الاستفهام. فإن قلت: ما معنى وصف الضلال بالبعد؟ قلت: هو من الإسناد المجازى؛ لأنّ البعيد صفة الضال إذا بعد عن الجادّة، وكلما ازداد عنها بعدًا كان أضل. فإن قلت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهورًا علمًا في قريش،
قولُه:(في الثوب)، مُتعلّقٌ بـ ((قالوا)). أي: قالوا في الثوب: جديد، لأنه هو الذي جَدَّه، أي: قَطَعهُ الناسجُ الساعةَ، ثم شاعَ هذا اللفظُ في كلِّ شيءٍ. ويقولون: كتابٌ جديد، وبيتٌ جديد، وغلامٌ جديد.
قولهُ:(وهي -أي: المِلْحَفة جديدٌ- عند البصريين) في تأويلِ شيءٍ جديد، أي: ثوبٍ جديد، أو على تَشْبيهِه بفَعيلٍ الذي بمعنى مفعولٍ نحو: قتيلٍ وأسيرٍ كما شُبِّه ذلك به. فقيل: قُتَلاءُ وأسَراء، فإنّ فَعيلاً يُجْمَعُ على فُعَلاءَ، نَحْو: كريمٍ وكُرَماء، ورحيمٍ ورُحَماء.
قولُه:(دونَ قوله {السِّحْرُ})، أي: في قولِه تعالى: {مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ}[يونس: ٨١] على الاستفهامِ في سورةِ يونس عليه السلام.