ودلالة (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ): وهو الراجع إلى ربه، المطيع له؛ لأنّ المنيب لا يخلو من النظر في آيات الله، على أنه قادر على كل شيٍء من البعث ومن عقاب من يكفر به. قرئ:"يشأ" و"يخسف" و"يسقط" بالياء؛ لقوله تعالى:(أَفْتَرى عَلَى الله كَذِباً)] سبأ: ٨ [. وبالنون لقوله:(وَلَقَدْ آتَيْنا). و (كسفا): بفتح السين وسكونه. وقرأ الكسائي:(يخسف بهم) بالإدغام، وليست بقوية.
قولُه:(على أنّه قادرٌ على كلِّ شيءٍ من البعثِ ومن عقابِ مَنْ يكفُرُ به)، مَتَعلِّقٌ بقوله:((ودلالة))، يريدُ أنّ قولَه:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} تذييلٌ لقوله: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم} وتعريضٌ بقلّةِ النظرِ في مُنكري البعثِ والحشرِ في آياتِ الله، وإليه الإشارةُ بقوله:((لأنّ المنيبَ لا يخْلو من النظرِ في آياتِ الله)). وفيه الإشارةُ إلى بيانِ نظْمِ هذه الآية بقوله:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ} وبقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً} لأنه كالتخلُّصِ منه إليه، لأنه منَ المُنيبين المتفكِّرين في آياتِ الله، قال تعالى:{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ}[ص: ١٧].
قال القاضي: قوله: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} تذكيرٌ بما يُعاينوه مما يدلُّ على كمالِ قدرةِ الله تعالى وما فيه إزاحةُ استحالتِهم الإحياءَ حتى جَعلوه افتراءً وهُزوًا، وتهديدٌ عليهم.
قولُه:(((يَشَا)) و ((يَخْسِفْ)) و ((يُسْقِط))، بالياءِ): حَمزةُ والكِسائي: ثلاثتُها بالياء. وأدغَم الكِسائيّ الفاءَ في الباء، والباقون: بالنونِ فيهنّ، وقرأ حَفْصٌ:{كِسَفًا} بفَتْح السينِ، والباقونَ بإسكانها.
قولُه:(((يخْسِفْ بهم)) بالإدغام، وليست بقوِيّة)، المُطْلع: لزيادةِ صوتِ الفاءِ على صوتِ الباءِ كما لا يجوزُ إدغامُ الراءِ في اللام.