للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أى: ابتدأتها. وقرئ: (الذي فطر السماوات والأرض وجعل الملائكة). وقرئ: (جاعل الملائكة)، بالرفع على المدح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقولُه: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠]، إشارة إلى ما أبدع وركزَ في الناسِ من معرفتِه، وهو المشارُ إليه بقوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥]، ويصحُّ أن يكونَ الانفطارُ في قوله: {السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: ١٨]، إشارةً إلى قَبولِ ما أبْدعَها وأفاضَهُ عليها منه، والفِطْرُ: تَرْكُ الصوم، يقال: فَطرْتُه وأفطَرْتُه، وأفطَر هو.

وقال أبو البقاء: الإضافةُ مَحْضة، لأنه للماضي لا غَيْر، وأما {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ} فكذلك في أجْوَدِ المذهبَيْن، وأجازَ بعضُهم أن تكونَ غيرَ محضَةٍ على حكايةِ الحال، و {رُسُلاً} مفعولٌ ثان، و {أُوْلِي} بدَلٌ منه أو نَعْتٌ له، ويجوز أن يكون {جَاعِلِ} بمعنى: خالق، و {رُسُلاً} حالٌ مقدرة.

وقال غيرُه: {فَاطِرِ الْسَّمَوَاتِ} صفةٌ لله ومَعرفةٌ إذ لم يجر على الفعل، بل أريد به الاستمرار والثبات والدوام، كما يُقالُ: زيْدٌ مالكُ العبيدِ جاءَ، أي: زَيْد الذي مِنْ شأنِه أن يملكَ العبيد.

قولُه: (وقُرِئَ: ((الذي فطر)))، قال ابن جِنِّي: هي قراءةُ الضحّاك.

قولُه: (((جاعلُ الملائكة))، بالرفْعِ على المدح). قال ابن جنِّي: وهي قراءةُ الحسن، هذا على الثناءِ على الله وإبرازِه في الجملةِ بما فيها من الضميرِ أبلَغُ، وكلّما زادَ في الإسهاب كان أحرى، ألا ترى إلى قولِ خِرْنِق:

<<  <  ج: ص:  >  >>