وجهركم. ثم لخص سر أمره، وخطأ من اتبعه بأنّ غرضه الذي يؤمه في دعوة شيعته ومتبعي خطواته؛ هو أن يوردهم مورد الشقوة والهلاك، وأن يكونوا من أصحاب السعير. ثم كشف الغطاء، وقشر اللحاء؛ ليقطع الأطماع الفارغة، والأمانى الكاذبة، فبنى الأمر كله على الإيمان والعمل وتركهما.
لما ذكر الفريقين الذين كفروا والذين آمنوا؛ قال لنبيه:(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَأَىهُ حَسَناً)، يعنى: أفمن زين له سوء عمله من هذين الفريقين كمن لم يزين له،
قولُه:(وقشرَ اللِّحاءَ)، قال المَيْداني:((قشَرْتُ له العَصا))؛ أظهَرْتُ له ما كان في نَفْسي ويقال: اقشِرْ له العَصا، أي: كاشِفْه وأظهِرْ له العداوة.
قولُه:(لما ذكرَ الفريقَيْن كَفروا والذين آمنوا قال لنَبيِّه: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَأَىهُ حَسَنًا} يعني: أفَمَنْ زُيِّن له سوءُ عَمَلِه من هذَيْن الفريقَيْن كَمَنْ لم يُزيَّنْ له)، جعَلَ الاثنَيْن من بابِ اللفِّ والنَّشر.
وقلت: الأحسَنُ أن تُجعلَ الآياتُ من الجمْعِ والتقسيمِ والتفريق، فقوله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} جَمع الفريقَيْن معًا في حكمِ نِداءِ الناس وجمَعَ مالهما من الثوابِ والعقاب في حُكْمِ الوعدِ وحَذَّرهما معًا عن الغرورِ بالدنيا والشيطان، وأما التقسيمُ فهو قوله:{الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} لأنه بَيَّنَ فيه أحوالَ الفريقَيْن ومالهُما وعليها من الثوابِ والعِقاب.
وأما التفريقُ فقولُه:{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} لأنه فَرَّق فيه، وبَيَّنَ التفاوتَ بين الفريقَيْن كما قال:(({أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} من هَذَيْن الفريقَيْن كمَنْ لم يُزَيَّنْ له))، فظهرَ مِن هذا البيان أنّ ((الفاء)) في ((أفمَنْ)) للتعقيبِ والهمزةُ الداخلةُ بين المعطوفِ والمعطوفِ