للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتفضل كالتبرع. وقرئ: (لغوب) بالفتح؛ وهو اسم ما يلغب منه، أى: لا نتكلف عملًا يلغبنا، أو مصدر كالقبول والولوغ، أو صفة للمصدر، كأنه لغوب لغوب، كقولك: موت مائت. فإن قلت: ما الفرق بين النصب واللغوب؟ قلت: النصب: التعب والمشقة التي تصيب المنتصب للأمر المزاول له، وأما اللغوب: فما يلحقه من الفتور بسبب النصب، فالنصب: نفس المشقة والكلفة، واللغوب: نتيجته وما يحدث منه من الكلال والفترة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معناه زائلٌ، ثوابُ الجنةِ دائم لا يزولُ، ولعلّ المصنِّفَ لما خَصَّ قوله: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} إلى آخره بالسابقِ دونَ الظالمِ والمُقتصِدِ ذهبَ إلى هذا المعنى.

قولهُ: (وقُرِئَ: ((لَغوب)) بالفتح)، قالَ ابنُ جنِّي: وهي قراءةُ عليٍّ رضي الله عنه والسُّلَميِّ، وفيه وجهان: إن شئْتَ حَمَلْتَه على ما جاء من المصادر على الفَعولِ، نَحْو: الوَضوء والوَلوع والوَقود، وإن شئْتَ جعلتَه صفةً لمصدرٍ محذوفٍ، أي: لا يَمسُّنا فيها لُغوبُ لَغوبٍ، على قولِهم: شِعْرُ شاعرٍ ومَوْتُ مائتٍ، كأنه وصَفَ اللُّغوبَ بأنه قد لَغِبَ، أي: أعيي وتَعِب.

وعليه قولُهم: جُنَّ جنونُه، وخرَجَتْ خَوارجُه، وعلى هذا حملَ أبو بكرٍ قولَهم: توضأت وَضوءًا، أي: وُضوءًا وَضوءًا.

وحكى أو زيد: رجلٌ ساكوتٌ بيِّن الساكوتة، فلما قرأتُ هذا على أبي عليٍّ حمله على قياس قول أبي بكر، فقال: تقديرُه بَيِّن السكتةِ الساكوتةِ، فجَعل الساكوتةَ صفةَ مصدرٍ محذوف، وحَسَّنَ ذلك عندي أنه من لفظِه.

قولُه: (واللُّغوب: نتيجتُه)، أجابَ عن الفَرْقِ ولم يُبيِّنِ الأسلوبَ بأنه مِن أيِّ قَبيلٍ هو، ولأيِّ فائدةٍ تكرارُ ((المسّ)

أما الأسلوبُ فمن باب قولِه:

لا ترى الضَّبَّ بها يَنجَحِر

<<  <  ج: ص:  >  >>