استعارة تبعية مصرحة، والجامع ما يعقل من ترتب أحدهما على الآخر.
وقوله:(عن مكان الليل وملقى ظله): ظاهره مشعر بأن النهار طار على الليل. قال المرزوقي: الآية دلت على أن الليل قبل النهار، لأن المسلوخ منه يكون قبل المسلوخ، كما أن المغطى قبل الغطاء.
وقال الفراء: الأصل هي الظلمة، والنهار داخل عليها إذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل، أي: كشط وأزيل فتظهر الظلمة.
قال محيي السنة: معناه: نذهب بالنهار ونجيء بالليل، وذلك أن الأصل هي الظلمة، والنهار داخل عليها.
ويؤيده ما روى الإمام أحمد بن حنبل والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليه من نوره، فمن أصابه من نوره اهتدى، ومن أخطاه ضل"، لكن قوله في سورة الرعد في قوله تعالى:{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}[الرعد: ٣] أي: يلبسه مكانه، فيصير أسود مظلمًا بعد ما كان أبيض منيرًا، مؤذن بأن بين الليل والنهار توالجًا وتداخلًا، قال الله تعالى:{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}[الزمر: ٥] قال: إن الليل والنهار خلفة؛ يذهب هذا ويغشى مكانه هذا، وإذا غشي مكانه، فكأنما ألبسه ولف عليه كما يلف اللباس على اللابس.