هو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: وما من المسلمين أحد إلا له مقام معلوم يوم القيامة على قدر عمله، من قوله تعالى:{عَسَى أَن يَبْعَثُكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}[الإسراء: ٧٩].
ثم ذكر أعمالهم وأنهم هم الذين يصطفون في الصلاة يسبحون الله وينزهونه مما يضيف إليه من لا يعرفه مما لا يجوز عليه.
هم مشركو قريش كانوا يقولون:{لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا} أي: كتابًا {مِنَ} كتب {الْأَوَّلِينَ} الذين نزل عليهم التوراة والإنجيل، لأخلصنا العبادة لله، ولما كذبنا كما كذبوا، ولا خالفنا كما خالفوا، فجاءهم الذكر الذي هو سيد الأذكار، والكتاب الذي هو معجز من بين الكتب، فكفروا به، ونحوه {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا}[فاطر: ٤٢]، فسوف يعلمون مغبة تكذيبهم وما يحل بهم من الانتقام. و {إِن} هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة؛ وفي ذلك أنهم كانوا يقولونه مؤكدين للقول جادين فيه، فكم بين أول أمرهم وآخره!
قوله:(هو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم) وعلى هذا يكون قوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} اعترضًا، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم استطرادًا؛ لأنه تعالى لما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستفتاء عن وجه تلك القسمة الضيزى التي قسموها بقوله:{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ البَنَاتُ ولَهُمُ البَنُونَ} وبالإنكار البليغ واستجهال النفوس واستركاك العقول سخطًا عليهم وغضبًا على تلك المقالة الشنيعة أتى بما دل على ضد ذلك من معنى الرضا عن المؤمنين لأجل أعمالهم الصالحة من الصلاة في الجماعات، وتسبيح الله وتنزيهه عما أضاف إليه الكفرة.