وما عاناه المرسلون من جهتهم، وما خولوه في العاقبة من النصرة عليهم؛ فختمها بجوامع ذلك من تنزيه ذاته عما وصفه به المشركون، والتسليم على المرسلين، {والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} على ما قيض لهم من حسن العواقب، والغرض تعليم المؤمنين أن
قوله:(قيض لهم)، الجوهري: قيض الله فلانا لفلان، أي: جاءه به وأباحه له.
قوله:(والغرض تعليم المؤمنين) يريد أن هذه الآية لما كانت خاتمة لما تضمنته السورة من تخاليط المشركين وتكاذبهم ونسبتهم إلى جلاله الأقدس ما لا يليق بجنابه، ومن فرطاتهم مع أنبيائه والصالحين من عباده وتجرعهم الغصص، ومن وخامة حالة المكذبين وحسن عاقبة المرسلين، وفذلكة لذلك التفصيل كانت أيضًا تعليمًا للمؤمنين؛ لأنه لا يخلو كل مقام يجلس فيه الإنسان من فلتات وهفوات ومن كلمات فيها رضي الله وسخطه، فالواجب على المؤمن إذا قام من مجلسه أن يتلو هذه الآية لتكون مكفرة لتلك السقطات ومحمدةً لما وفق من الطيبات، ومن ثم قال صلوات الله وسلامه عليه:"كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند قيامه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه، ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم له بهن عليه كما يختم بخاتم على الصحيفة: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك". أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمرو.
وأخرج النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسًا أو صلى تكلم بكلمات، فسألت عائشة عن الكلمات، فقال: إن تكلم بخير كان طابعًا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بشر كانت كفارةً له: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك".