للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرادُ * ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ} ٦ - ٧]

{الْمَلَأُ}: أشرف قريش، يريد: وانطلقوا عن مجلس أبي طالب بعدما بكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجواب العتيد، قائلين بعضهم لبعض: {امْشُوا وَاصْبِرُوا} فلا حيلة لكم في دفع أمر محمد، {إِنَّ هَذَا} الأمر {لَشَيْءٌ يُرادُ} أي: يريده الله تعالى ويحكم بإمضائه، وما أراد الله كونه فلا مرد له، ولا ينفع فيه إلا الصبر، أو: إن هذا الأمر لشيء من نوائب الدهر يراد بنا، فلا انفكاك لنا منه، أو إن دينكم لشيء يراد، أي: يطلب ليؤخذ منكم وتغلبوا عليه. و {أَنْ} بمعنى أي: لأن المنطلقين عن مجلس التقاول لا بد لهم من أن يتكلموا ويتفاوضوا فيما جرى لهم، فكان انطلاقهم مضمنا معنى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على هذه الحال محال أن يكونوا مبطلين ويكون الإنسان الواحد محقا، فلعمري لو كان التقليد حقا لكانت هذه الشبهة لازمة.

قوله: (أو إن دينكم لشيء يراد)، تبعه الإمام في الوجود الثلاثة. فإن قيل: مقتضى النظم أن يكون المشار إليه المشي والصبر على آلهتهم، أي: هذا هو المطلوب الآن، ومن ثم عقبوه بقوله: {ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ} إذا لو قيل: إن هذا لشيء يريده الله تعالى ويحكم بإمضائه لم يستقم {إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ}؟ أجيب: أن هذا القول صدر عنهم من الحسد، كما نص عليه المصنف، ألا يرى كيف أردفوه بقوله: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا} أي: القرآن؛ لأن القوم معاندة.

قوله: (وتغلبوا عليه)، الأساس: غلبته على الشيء: أخذته منه، وهو مغلوب عليه. ويقال: أيغلب أحدكم أن يصاحب الناس معروفًا؟ أي: أيعجز؟

قوله: (لأن المنطلقين عن مجلس التقاول) يعني: الواجب أن يجعل {أَنْ} مفسرة؛ لأن {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ} متضمن لمعنى القول على العادة المألوفة، وإنما قلنا: المألوفة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>