اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}. فإن قلت: فإذا كان {إِنَّ اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} الخبر، فما موضع القول المضمر؟ قلت: يجوز أن يكون في موضع الحال، أي: قائلين ذلك. ويجوز أن يكون بدلًا من الصلة، فلا يكون له محل، كما أن المبدل منه كذلك. وقرأ ابن مسعود بإظهار القول:(قالوا ما نعبدهم)، وفي قراءة أبي:(ما نعبدكم إلا لتقربونا) على الخطاب، حكاية لما خاطبوا به آلهتهم. وقرئ:(نعبدهم) بضم النون إتباعًا للعين كما تتبعها الهمزة في الأمر والتنوين في {وَعَذَابٍ * ارْكُضْ}[ص: ٤١ - ٤٢]، والضمير في {بَيْنَهُمْ} لهم ولأوليائهم. والمعنى: أن الله يحكم بينهم بأنه يدخل الملائكة وعيسى الجنة، ويدخلهم النار مع الحجارة التي نحتوها وعبدوها من دون الله يعذبهم بها؛ حيث يجعلهم وإياها حصب جهنم. واختلافهم: أن الذين يعبدون موحدون وهم مشركون، وألئك يعادونهم ويلعنونهم، وهم يرجون شفاعتهم وتقريبهم إلى الله زلفى. وقيل: كان المسلمون إذا قالوا لهم: من خلق السماوات والأرض، أقروا وقالوا: الله، فإذا قالوا لهم: فما لكم تعبدون الأصنام؟ قالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا مِنَ اللهِ زُلْفَى}؛ فالضمير في {بَيْنَهُمْ} عائد إليهم وإلى المسلمين. والمعنى: أن الله يحكم يوم القيامة بين المتنازعين من الفريقين. والمراد بمنع الهداية: منع اللطف تسجيلًا عليهم بأن لا لطف لهم، وأنهم في علم الله من الهالكين.
قوله:(ويجوز أن يكون بدلًا من الصلة)، والتقدير: والكفرة الذين يقولون: لا نعبد الأصنام إلا ليقربونا، إن الله يحكم بينهم.
قوله:(وقيل: كان المسلمون)، عطف على قوله:"الضمير في {بَيْنَهُمْ} لهم ولأوليائهم"، وعلى هذا: الضمير في {بَيْنَهُمْ} لهم وللمسلمين، كما صرح بذلك.
قوله:(والمراد بمنع الهداية منع اللطف)، الانتصاف: يجب حمل الآية على ظاهرها وأن الله خالق الإيمان والضلال؛ لقوله:{أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفًّارُ}. وقلت: قوله: {إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} الظاهر أنه اعترض للتأكيد ودفع ذلك التأويل.