للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣] وقال: {عَيْنًا يَّشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ} [الإنسان: ٦] وقال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطّانٌ} [الحجر: ٤٢].

قلت: ويؤيده ما روى محيي السنة عن ابن عباس والسدي: لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطّانٌ} فيكون عامًا في اللفظ خاصًا في المعنى.

وثانيها: أن الكفر بإرادة الله لا برضاه؛ لأن الرضا من الله عبارة عن المدح عليه والثناء بفعله.

وثالثها: أن الرضا عبارة عن ترك اللوم والاعتراض لا عن الإرادة. قال ابن دريد:

رضيت قسرًا وعلى القسر رضا .... من كان ذا سخط على صرف القضا

وأقول- وبالله التوفيق-: اعلم أن قوله: {إِنْ تَكْفُرُوا} متصل بقوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} وهم قوم مخصوصون، قال الواحدي: إن تكفروا يا أهل مكة، وقد تقرر أن قوله: {أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} مقابل لقوله: {أَلَا للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} وهو متضمن لتهديد عظيم، والمشار إليه بقوله: {ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ} جميع ما سبق من إجراء الأوصاف على من وصفوه بما لا ينبغي ونسبوه إلى ما هو منزه عنه من اتخاذ الأولياء والأولاد، يدل عليه قوله: {لَا إِلَهَ إلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}، فيكون قوله: {ولا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ} جملةً مستطردةً كالتتميم للشرط الأول، تعريضًا بهم وبكفرهم، وهو مع الشرط كالمقابل للشرط الثاني. المعنى: أنهم ليسوا من جملة عباده المرتضين بل هم من الذين سخط الله عليهم، فوزانه وزان قوله: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم: ٨]، أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>