القيام فيها، ومنه: القنوت في الوتر؛ لأنه دعاء المصلي قائمًا. {سَاجِدًا}: حال. وقرئ:(ساجد وقائم) على أنه خبر بعد خبر، والواو للجمع بين الصفتين. وقرئ:(ويحذر عذاب الآخرة). وأراد بـ {الَّذِينَ يَعْلَمُونَ}: العاملين من علماء الديانة، كأنه جعل من لا يعمل غير عالم. وفيه ازدراء عظيم بالذين يقتنون العلوم، ثم لا يقنتون، ويفتنون فيها، ثم يفتنون بالدنيا، فهم عند الله جهلة؛ حيث جعل القانتين هم العلماء، ويجوز أن يرد على سبيل التشبيه، أي: كما لا يستوي العاملون والجاهلون، كذلك لا يستوي القانتون والعاصون. وقيل: نزلت في عمار بن ياسر وأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي.
النهاية: القنوت يرد لمعان متعددة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام والسكوت، فيصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه.
قوله:(وأراد بـ {الَّذِينَ يَعْلَمُونَ}: العاملين)، متصل بقوله:"وقيل: معناه أمن هو قانت"، أي: قال القائل: معناه كذا، وأراد بالذين يعلمون العاملين، فيكون {الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} وصفًا للمظهر موضع الضمير للإشعار بالعلية، ويفهم منه أن غير العالمين الجاهلون، وإليه أومأ بقوله:"فهم عند الله جهلة"، حيث جعل القانتين هم العلماء، كأنه قيل: أمن هو قانت أفضل أمن هو قانت؟ وهل يستويان، أي: بينهما بون بعيد، فالجملة الثانية بيان للفرق، ولهذا قال:"فيه ازدراء عظيم بالذين يقتنون العلوم ثم لا يقتنون"، وأما قوله:"ويجوز أن يرد على سبيل التشبيه" فهو عطف على قوله: "وأراد بالذين يعلمون: العاملين"، أي: دل على المحذوف جري ذكر الكافر قبله وجري قوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ}: بعده وأراد بالذين يعلمون العالمين؛ لأنه كالتقدير لقوله:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} لأن العالم الحقيقي هو العامل. ويجوز أن يرد على سبيل التشبيه فيكون القانت غيرًا والعالم غيرًا.