وهو علة (اشْتَرَوا). (أَنْ يُنَزِّلَ): لأن ينزل، أو: على أن ينزل، أي: حسدوه على أن ينزّل اللَّه مِنْ فَضْلِهِ الذي هو الوحى عَلى مَنْ يَشاءُ وتقتضي حكمته إرساله .........
ومعنى الحسد طلب ما ليس من حق العبد؛ لأن إزالة النعمة التي عرف الله موقعها في المحسود ليس لأحد توخي زواله، وقيل:"طلباً" عطف على "حسداً" وكلاهما تفسير لقوله: (بَغْياً). وقيل: التقدير: اشتروا لبغيهم وبغوا لحسدهم، والأول هو الوجه لقوله:"أي: حسدوه على أن ينزل الله" وقد صرح الواحدي به حيث قال: (بَغْياً)، أي: حسداً.
قال اللحياني: بغيت على أخيك بغياً، أي: حسدته، فالبغي: أصله الحسد، ثم سمي الظلم بغياً؛ لأن الحاسد يظلم المحسود جهده طلباً لإزالة نعم الله عنه.
وينصره قول الزجاج: كفروا بغياً وعداوة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم لم يشكوا في نبوته، وإنما حسدوه على ما أعطاه الله تعالى، فإنه لم يتجاوز عن معنى الحسد، وأي داء أدوى منه!
قوله:(وهو علة (اشْتَرَوْا)) قال القاضي: وهو علة (أَنْ يَكْفُرُوا) دون اشتروا، للفصل.
وقلت: المعنى مع الأول؛ لأن فيه إبدال أنفسهم بالكفر كان لمجرد العناد الذي هو نتيجة الحسد، كأنه قيل: بئس الاستبدال! استبدال أنفسهم بالكفر لأجل محض الحسد، على أن قوله:"أن يكفروا" مخصوص بالذم فلا يكون فاصلاً.