فمن لي بأن آتي بآية مما تقترحونه إلا أن يشاء الله ويأذن في الإتيان بها. {فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ} وعيد وردّ عقيب اقتراح الآيات. وأمر الله: القيامة. {الْمُبْطِلُونَ}: هم المعاندون الذين اقترحوا الآيات، وقد أتتهم الآيات فأنكروها وسموها سحرًا.
قوله:(فمن لي بأن آتي بآية)، أي: فمن يضمن لي الخلاص من عذاب الله بأن آتي بآية مقترحة؟
قوله:(لم قال: {لِتَرْكَبُوا مِنْها})، وجه السؤال: أنه تعالى ذكر أمورًا ولم يجعلها على وتيرة واحدة، إما بأن تسلب لام الغرض منها جميعًا، وإما أن تدخل فيها جميعًا، وخلاصة الجواب: أن الغالب في الأكل وسائر المنافع استيفاء مجرد الشهوة، ولا يناط به أمر ديني إلا في الندرة، فالناس والبهائم فيهما سواء، وان الغالب في الركوب وبلوغ الحاجة عليها قضاء حق العبادة، فلا يكون الاهتمام فيها سواء ففرق باللام. ونظيره قوله تعالى:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}[النحل: ٨]
قال صاحب "الفرائد": كيف يكون الأكل وإصابة المنافع بدون تعلق إرادته؟ هذا خارج عن حد الاستقامة، والوجه أن يقال: إنما قال: {وَمِنْها تَاكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ} كاللبن والوبر، ولم يقل: لتأكلوا منها ولتصلوا إلى المنافع؛ لأنهم في الحال آكلون وآخذون المنافع، وأما الركوب وبلوغ الحاجة فأمران منتظران، فجيء بما يدل على الاستقبال.
وقال صاحب "الانتصاف": بنى الزمخشري على أن الأمر راجع إلى الإرادة، والحق أنه لا ربط بين الأمر والإرادة، والصحيح أن المهم في الأنعام الركوب وبلوغ الحوائج في السفر