قرآنًا من صفته كيت وكيت. وقيل: هو نصب على الحال، أي: فصلت آياته في حال كونه قرآنًا عربيًا. {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي: لقوم عرب يعلمون ما نزل عليهم من الآيات المفصلة المبينة بلسانهم العربي المبين، لا يلتبس عليهم شيء منه. فإن قلت: بم يتعلق قوله: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}؟ قلت: يجوز أن يتعلق بـ {تَنْزِيلٌ} أو بـ {فُصِّلَتْ}، أي: تنزيل من الله لأجلهم، أو فصلت آياته لهم، والأجود أن يكون صفة مثل ما قبله وما بعده، أي: قرآنًا عربيًا كائنًا لقوم عرب؛ لئلا يفرق بين الصلات والصفات. وقرئ:(بشير ونذير)، صفة للكتاب، أو خبر مبتدأ محذوف. {فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}: لا يقبلون ولا يطيعون، من قولك: تشفعت إلى فلان فلم يسمع قولي، ولقد سمعه ولكنه لما لم يقبله ولم يعمل بمقتضاه، فكأنه لم يسمعه.
قوله:(لئلا يفرق بين الصلات والصفات) يعني: إن علق {لِقَوْمٍ} بـ {تَنْزِيلٌ} تقع التفرقة بين المفعول له وبين متعلقه بقوله: {كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} وبين الصفات أيضًا؛ لأن {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} صفة {قُرْآنًا}. وإن علق بـ {فُصِّلَتْ} فالتفرقة بين الصفات -وهي {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} و {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} حاصلة، وإنما جمع الصلات وهي واحدة لتوافق قرينتها نحو: إني لآتيه بالغدايا والعشايا. وعن بعضهم: إنما جمعها وهي واحدة وهي اللام لتعدد ما اتصل بها من قوله: {تَنْزِيلٌ} و {فُصِّلَتْ} وأراد بالصلات العلاقات بالمعاني.
قوله: (وقرئ: "بشيرٌ ونذير")، قال القاضي: قراءة نافع.