فيجوز أن يراد به هذا وهذا. وقد دل الدليل على أن الملائكة لا يستغفرون إلا لأولياء الله، وهم المؤمنون، فما أراد الله إلا إياهم، ألا ترى إلى قوله تعالى في سورة المؤمن:{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}[غافر: ٧]، وحكايته عنهم:{فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}[غافر: ٧]، كيف وصفوا المستغفر لهم بما يستوجب به الاستغفار، فما تركوا للذين لم يتوبوا من المصدقين طمعًا في استغفارهم، فكيف للكفرة؟ !
ويحتمل أن يقصدوا بالاستغفار: طلب الحلم والغفران في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا} إلى أن قال: {إِنَّهُ كانَ حَلِيمًا غَفُورًا}[فاطر: ٤١]، وقوله:{إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ}[الرعد: ٦]، والمراد: الحلم عنهم، وأن لا يعاجلهم بالانتقام، فيكون عامًّا.
فإن قلت: قد فسرت قوله تعالى: {تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ} بتفسيرين، فما وجه طباق ما بعده لهما؟ قلت: أما على أحدهما: فكأنه قيل: تكاد السماوات ينفطرن هيبة من جلاله، واحتشامًا من كبريائه، والملائكة الذين هم ملء السبع الطباق،
قوله:(ألا ترى إلى قوله سورة المؤمن: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا}[غافر: ٧]؟ ): يريد: أن هذا المطلق مجمول على ذلك المقيد، انظر كم ركب معاسف؟ ! خص هذا العام بقوله:{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا}، وقد خص ذلك بقوله:{فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا}، فرجع المعنى إلى قوله: ويستغفرون لمن تاب عن المعاصي. والوجه: أن يحمل هذا الاستغفار على عموم المجاز، كما سبق في سورة المؤمن.
قوله:(بتفسيرين): وهو أن السماوات يتفطرن من علو شأن الله، وقيل: من دعائهم له ولدًا.