قال ابن صوريا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل عليك من آية فنتبعك لها. فنزلت. واللام في (الْفَاسِقُونَ) للجنس، والأحسن أن تكون إشارة إلى أهل الكتاب. (أَوَكُلَّمَا) الواو للعطف على محذوف معناه: أكفروا بالآيات البينات؟ ! وكلما عاهدوا. وقرأ أبو السمال بسكون الواو على أن (الْفَاسِقُونَ) بمعنى: الذين فسقوا، فكأنه قيل: وما يكفر بها إلا الذين فسقوا أو نقضوا عهد الله مراراً كثيرة. وقرئ:(عوهدوا)، و (عهدوا). واليهود موسومون بالغدر ونقض العهود،
قوله:(والأحسن أن تكون إشارة إلى أهل الكتاب) يعني أن اللام في (الْفَاسِقُونَ) مع أنها جائز أن تكون للجنس، ويدخل فيه اليهود دخولاً أولياً على سبيل المبالغة، لكن الأحسن الحمل على العهد، ووجه حسنه إفادة التخصيص المستفاد من "ما" و"لا" ليسجل عليهم خاصة بالتمرد والفسق.
المعنى: لا يصدر مثل هذا الفسق إلا من هؤلاء، والترقي من الأهون إلى الأغلظ في الإنكار، وهو الكفر بآيات الله، لاسيما على قراءة أبي السمال في الإضراب؛ أثبت أولاً أنهم مبالغون في الفسق ثم أضرب عنه بقوله:(أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ)[البقرة: ١٠٠] أي: ليس هذا أول فسقهم وكفرهم بآيات الله يا محمد، بل كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم من الذين مضوا، ثم أضرب عن هذا إلى ما هو أعلى منه بقوله:(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أي: ما صدر النبذ من فريق منهم فقط بل أكثرهم كافرون.
قوله:(وقرأ أبو السمال)، وأبو السمال باللام، وابن السماك بالكاف. فعلى هذا يكون قوله:"أوكلما" معطوف من حيث المعنى على صلة الموصول، وعلى الأول: اللام حرف تعريف.