للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي: أنّ اليهود قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيًا، كما كلمه موسى ونظر إليه، فإنا لن نؤمن لك حتى تفعل ذلك، فقال: لم ينظر موسى إلى الله، فنزلت". وعن عائشة رضي الله عنها: "من زعم أنّ محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية"، ثم قالت: "أو لم تسمعوا ربكم يقول" فتلت هذه الآية.

{إِنَّهُ عَلِيٌّ} عن صفات المخلوقين، {حَكِيمٌ} يجري أفعاله على موجب الحكمة، فيكلم تارة بواسطة، وأخرى بغير واسطة؛ إما إلهامًا، وإما خطابًا.

[{وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} ٥٢ - ٥٣]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وعن عائشة رضي الله عنها): روينا عن البخاري ومسلم والترمذي عن عائشة رضي الله عنها: "من زعم أن محمدًا رأى فقد كذب"، ثم قرأت: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: ١٠٣]، {ومَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلاَّ وحْيًا أَوْ مِن ورَاءِ حِجَابٍ}، وسيجيء الكلام فيه في "النجم" أن شاء الله تعالى.

قوله: ({إنَّهُ عَلِيٌّ} عن صفات المخلوقين، {حَكِيمٌ} تجري أفعاله على موجب الحكمة): يعني: هذه الفاصلة تعليل لما سبق، أي: ما صح لأحد من البشر أن يكلمه الله إلا على هذه الأوجه، والمعنى: كما أنه عز شأنه على عن أن يكون جنابه مشرع كل أحد، كذلك حكيم لا يصل إلى بيداء حكمته في إرسال الرسل وهم كل متوهم، ومن ثم نودي أفضل خلق الله وأكرمهم عليه بقوله: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ ولا الإيمَانُ ولَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا}، قال القاضي: " {حَكِيمٌ} يفعل ما تقتضيه حكمته، يكلم تارة بوسط، وتارة بغير وسط، إما عيانًا أو من وراء حجاب".

?

<<  <  ج: ص:  >  >>