وقرئ:"إمّ الكتاب" بالكسر، وهو اللوح، كقوله تعالى:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}[البروج: ٢١ - ٢٢]، سمي بأم الكتاب؛ لأنه الأصل الذي أثبتت فيه الكتب، منه تنقل وتستنسخ، "علي" رفيع الشأن في الكتب؛ لكونه معجزًا من بينها، {حَكِيمٌ} ذو حكمة بالغة، أي: منزلته عندنا منزلة كتاب هما صفتاه، وهو مثبت في أم الكتاب هكذا.
قوله: ("علي"رفيع الشأن) يؤذن بأن قوله: {لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} خبران لـ"إن"، وقوله:"منزلته عندنا منزلة كتاب هما صفتاه": يشعر بأنهما صفتان لكتاب آخر، وقوله:"وهو مثبت في أم الكتاب" على أن {فِي أُمِّ الكِتَابِ} أيضًا خبر، فكيف التأليف؟
قلت: تأليفه: أن هذا الكتاب -الذي لديكم أبان طريق الهدى، وأبان ما تحتاج إليه الأمة في أبواب الدنيا- بمنزلة عظيمة عندنا، بمنزلة كتاب موصوف بهذين الوصفين، وهو كونه رفيع الشأن ذا حكمة بالغة، وهو على هذا الوصف والبيان ومثبت في اللوح، والمراد بـ"كتاب هما صفتاه" هو هو، ففيه لمحة من التجريد.
قال صاحب "الكشف": " {لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} خبران لـ"إن"، وقوله:{فِي أُمِّ الكِتَابِ} من صلة "علي"، أي: إنه لعلي في هذا المحل، وإنما كان ذلك لمكان اللام، نحوه قولك: أن زيدًا في الدار لقائم. وقال أبو البقاء: "{فِي أُمِّ الكِتَابِ} متعلق بـ {لَعَلِيٌّ}، واللام لا تمنع ذلك". وال القاضي: "{فِي أُمِّ الكِتَابِ} متعلق بـ"علي" أو حال منه، و {لَدَيْنَا} بدل منه أو حال من {أُمِّ الكِتَابِ} ".