للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَما يَأتِيهِمْ} حكاية حال ماضية مستمرة، أي: كانوا على ذلك، وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزاء قومه.

الضمير في {أَشَدَّ مِنْهُمْ} للقوم المسرفين، لأنه صرف الخطاب عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره عنهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقتضيه النظم الأنيق، وبيانه: أنهم لما استهزؤوا بكتاب الله واستخفوا به ليدفعوه عن أنفسهم عنادًا، فوصف الكتاب أولًا بقوله: {إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًا}، وثانيًا بقوله: {وإنَّهُ فِي أُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}، عقب ذلك كله منكرًا عليهم بقوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ} الآية، يعني: أنه في عالم الشهادة عربي فصيح بليغ، عجز عن الإتيان بمثله الجن والإنس، محتو على أسرار ومعان إذا تفكر فيها أولو الألباب حصلوا على البحر الخضم وكنوز الحكم، وأنه في عالم الغيب لدى الملك ذي الجبروت على المرتبة رفيع الشأن، فإذا كان كذلك وجب أن يشرف قدره، ويعظم شأنه ويتغلغل صيته في كل مدر ووبر، فبسببكم نتركه مهملًا ونضرب عنكم ذكره صفحًا؟ ! كلا.

فالهمزة أقمحت بين السبب والمسبب لمزيد الإنكار، لأن {حم * والْكِتَابِ المُبِينِ} إلى آخرها، قسمية واردة لرد المنكرين كما ترى، وهو من الأيمان الحسنة؛ حيث أن المقسم به والمقسم عليه شيء واحد.

وما سلك هذا المسلك إلا ليؤذن بأن كتابًا هذا شأنه حقيق بأن يعزر ويكرم ولا يتجاوز عن الإقسام به.

قوله: (لأنه صرف الخطاب عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم): يعني: خاطبهم بقوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ}، يعني: أنهملكم فتضرب عنكم الذكر صفحًا بسبب استهزائكم، وفي إنزال هذا الكتاب العظيم سبب لحياة الخلائق أجمعين، بل لا نترككم، ونلزم به الحجة عليكم، فنهلككم كما أهلكنا من هو أشد منكم بطشًا، ولتسلية

?

<<  <  ج: ص:  >  >>