للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[{وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ} ١٢ - ١٤]

و{الْأَزْواجَ} الأصناف، {مَا تَرْكَبُونَ} أي: تركبونه. فإن قلت: يقال: ركبوا الأنعام، وركبوا في الفلك، وقد ذكر الجنسين، فكيف قال: "ما تركبونه"؟ قلت: غلب المتعدّي بغير واسطة لقوّته، على المتعدّي بواسطة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

روى الأزهري عن أبي الهيثم أنه قال: لا يكون إلهًا حتى يكون معبودًا، وحتى يكون لعابده خالقًا ورازقًا ومدبرًا وعليه مقتدرًا، فمن لم يكن كذلك فليس بإله وإن عبد. وقال المالكي: أن "الله" علم للإله بالحق، جامع لمعاني الأسماء الحسنى، ما علم وما لم يعلم، ونظير تضمن اسم "الله" هذه المعاني في هذا المقام تضمن اسم "حاتم" الجود. روي عنه أنه قال: وهذا حسن، وله نظير عرفًا، وهو أن واحدًا لو أخبر مثلًا أن الشيخ قال كذا، وعنى بالشيخ زيدًا ثم لقيت زيدًا وقلت له: أن فلانًا أخبرني أن زيدًا قال كذا، مع أن فلانًا لم يجر على لسانه: زيدًا، وإنما قال: الشيخ، ولكنك ذكرت ألقابه وأوصافه، كذا هنا، الكفار يقولون: "خلقهن الله"، لا ينكرون ذلك، ثم أن الله ذكر صفاته، أي: أن الله الذي يحيلون عليه خلق السماوات: من صفته كيت وكيت.

الانتصاف: "بل بعضه من قولهم، وهو قوله: {خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ}، كقوله تعالى: {ولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ}، ثم وصف الله نفسه بذلك، وسيق سياقًا واحدًا، فلذلك حذف الموصوف من كلامه، كما لو قلت لرجل: من أكرمك؟ فقال: أكرمني زيد. قلت لزيد وهو حاضر: أنت الجواد الكريم. ثم جاء أوله على الغيبة، وآخره على الانتقال إلى التكلم في قوله: "أنشرنا" افتنانًا في البلاغة، ومثله قول موسى: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى * الَّذِي جَعَلَ} إلى أن قال: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ} [طه: ٥٢ - ٥٣] على الغيبة والتكلم، وهي مطابقة لهذه".

قوله: (غلب المتعدي بغير واسطة لقوته، على المتعدي بواسطة)، الانتصاف: "قوله: "غلب

?

<<  <  ج: ص:  >  >>