أي: على عهد ملكه وفي زمانه؛ وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى الكهنة، وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس، وفشا ذلك في زمن سليمان حتى قالوا: إن الجن تعلم الغيب. وكانوا يقولون: هذا علم سليمان، وما تم لسليمان ملكه إلا بهذا العلم، وبه تسخر الإنس والجن والريح التي تجري بأمره. (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ): تكذيب للشياطين، ودفع لما بهتت به سليمان من اعتقاد السحر والعمل به، وسماه كفراً
قوله:(أي: على عهد ملكه وفي زمانه) هذا يؤذن أن لابد من تقدير مضاف وجعل "على" بمعنى "في"؛ لأن الملك لا يصلح أن يكون مقروءاً عليه، ولا العهد المقدر ممن يقرأ عليه شيء فيجعل "على" بمعنى "في" ليستقيم المعنى، أي: يقرؤونه في زمانه وعهده.
قال صاحب "الفرائد": يمكن أن يكون "تتلوا" مضمناً معنى الإملاء، فلذلك عدي بـ "على".
وقلت: فعلى هذا أيضاً، لابد من تقدير المضاف. المعنى: واتبعوا ما أملى الشياطين على رجال عهد ملك سليمان.
قوله:(تسخر) أي: اتخذ الجن سخرة لنفسه. الجوهري: سخره تسخيراً، أي: كلفه عملاً بلا أجرة، وكذلك تسخره.
قوله:(بهتت به) أي: قالوا عليه ما لم يفعله، فقوله:"ودفع لما بهتت به" تفسير لقوله: "تكذيب للشياطين" وقوله: "وسماه كفراً" حال بتقدير "قد" من المجرور في "ما بهتت به" ويجوز أن يكون عطفاً على "دفع لما بهتت به" من حيث المعنى، أي: دفع ما بهتت به وسماه كفراً.