للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأيضًا إنما يستقيم: {ولَمَّا جَاءَهُمُ الحَقُّ} أن لو عرفوا أنه الحق، ولو عرفوا أنه الحق ما قالوا: هذا سحر؟

وأجاب عن الأول بأنه من إطلاق السبب وإرادة المسبب، وعن الثاني بما ينبئ أنه من باب الرجوع غب الإطماع، قال الشاعر:

وإخوان حسبتهم دروعًا .... وكانوها، ولكن للأعادي

وقالوا: قد صفت منا قلوب .... لقد صدقوا، ولكن عن ودادي

فإن الشاعر لما أوهم بقوله: "وكانوها" تحقيق المولاة، رجع إلى عكسه من إثبات المعاداة، ولما قال: "لقد صدقوا" خيل إلى المصافاة، فرجع إلى ما دل على المناوأة، وكذلك هاهنا؛ لما قال: {مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ} فاشتغلوا عن التوحيد بالاستمتاع بالملاذ، وعقبه بقوله: {حَتَّى جَاءَهُمُ الحَقُّ} خيل أنهم تنبهوا عن تلك الغفلة، ثم ابتدأ فقال: {ولَمَّا جَاءَهُمُ الحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ}، رجع إلى ما هو شر من حالهم الأولى.

وفيه: أن من كان ذهوله عن التوحيد بسبب الانهماك في التمتع بهذه العاجلة، لا يغنيه مجيء الحق ومحق الباطل؛ لأن العزوف عن ملاذ الدنيا صعب شديد.

?

<<  <  ج: ص:  >  >>