و {لَمَّا} بالتشديد بمعنى إلا، و"إن" نافية. وقرئ:"إلا"، وقرئ:"وما كل ذلك إلا".
لما قال:{خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، فقلل أمر الدنيا وصغرها، أردفه ما يقرّر قلة الدنيا عنده من قوله:{وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً}، أي: ولولا كراهة أن يجتمعوا على الكفر ويطبقوا عليه، لجعلنا لحقارة زهرة الحياة الدنيا عندنا للكفار سقوفًا ومصاعد وأبوابًا وسررًا كلها من فضة، وجعلنا لهم زخرفًا، أي: زينة من كل شيء، والزخرف: الذهب والزينة.
قوله:(و {لَمَّا} بالتشديد): عاصم وحمزة وهشام، والباقون: بتخفيفها، قال الزجاج:"من قرأ بالتخفيف كانت "ما" لغوًا، المعنى: لمتاع الحياة الدنيا، ومن قرأها مثقلًا فمعناه: وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا".
قوله:(أي: ولولا كراهة أن يجتمعوا على الكفر): الانتصاف: "هي مثل: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ}[القصص: ٤٧]، إما أن يصححها بتقدير: كراهة، وإما أن لا يقدر محذوفًا، ومعناها: اجتماعهم على الكفر مانع من بسط الدنيا، وهو معنى "لولا" المطرد، لكن المانع قد يكون موجودًا تحقيقًا، فيمتنع الجواب، كقوله تعالى:{فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[البقرة: ٦٤]، وقد يكون تقديرًا فيمتنع الجواب، لأنه لو وجد مانعه مقدرًا معه، وعليه الآية، أي: لو وجد بسط الرزق للكافر مقدرًا لوجد مانعه وهو الاجتماع على الكفر معه، وما أدى وجوده إلى وجود مانعه: إذن لم يوجد".