للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كقوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: ١٨ و ١٧١]. وأما القراءة بالضم فمعناها: ومن يتعام عن ذكره، أي: يعرف أنه الحق وهو يتجاهل ويتغابى، كقوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ} [النمل: ١٤].

{نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطانًا} نخذله ونخل بينه وبين الشياطين، كقوله تعالى: {وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ} [فصلت: ٢٥]، {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ} [مريم: ٨٣]. وقرئ: "يقيض"؛ أي: يقيض له الرحمن، و"يقيض له الشيطان".

فإن قلت: لم جمع ضمير "من" وضمير "الشيطان" في قوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ}؟ قلت: لأنّ "مَنْ" مبهم في جنس العاشي، وقد قيض له شيطان مبهم في جنسه، فلما جاز أن يتناولا -لإبهامهما- غير واحدين، جاز أن يرجع الضمير إليهما مجموعًا.

{حَتَّى إِذا جاءَنا} العاشي،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ({نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} نخذله ونخل بينه): مجاز عن قوله: نتيح ونقدر؛ بناء على مذهبه، قال ابن عباس: يسلط عليه، فهو معه في الدنيا والآخرة.

قوله: (لأن "من" مبهم في جنس العاشي): قال صاحب "الفرائد": يمكن أن يقال: لا مقال في أن "من" يصح أن يرجع إليه ضمير الجمع، فما اعتبر جمعًا، وكل واحد منهم عاش، فمع كل واحد شيطان، فلزم الجمع أيضًا، فرجع ضمير الجمع إلى المدلول، وهي الشياطين.

الانتصاف: "في هذه الآية نكتتان: إحداهما: أن النكرة في سياق الشرط تعم، وفيها اضطراب للأصوليين، وإمام الحرمين يختار العموم، واستدرك على الأئمة قولهم: أن النكرة في سياق الإثبات تخص، بأن الشرط يعم فيه، وهو إثبات، ورد عليه الأبياري شارح كتابه

?

<<  <  ج: ص:  >  >>