فولاها الخصيب، وكان على وضوئه. وعن عبد الله بن طاهر: أنه وليها، فخرج إليها، فلما شارفها ووقع عليها بصره، قال: أهي القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ}؟ ! والله لهي أقل عندي من أن أدخلها، فثنى عنانه.
الأخذ للمكان، و"مقدار" بالرفع في بعض النسخ؛ على أنه فاعل "يتربع"، من قولهم تربع في جلوسه.
قوله:(فولاها الخصيب): وهو خصيب بن حميد، كذا في "ديوان أبي نواس)، ومدحه بقصيدة، منها:
أما دون مصر للغنى متطلب .... بلى أن أسباب الغنى لكثير
فقلت لها واستعجلتها بوادر .... جرت فجرى في جريهن عبير
ذريني أكثر حاسديك برحلة .... إلى بلد فيه الخصيب أمير
إذا لم تزر أرض الخصيب ركابها .... فأي فتى غير الخصيب تزور؟ !
فتى يشتري حسن الثناء بماله .... ويعلم أن الدائرات تدور
فما حازه جود ولا حل دونه .... ولكن يصير الجود حيث يصير
وذكر ابن الأثير في "التاريخ الكامل": "أن الرشيد لما أراد عزل موسى بن عيسى عن مصر، قال: والله لا أعزله إلا بأخس من على بابي، فأحضر عمر بن مهران، وكان أحول مشوه الخلق رث الثياب، فولاه، فسار فوافى دار موسى، وجلس في أخريات الناس، فلما تفرقوا دفع الكتاب إلى موسى، فقال: تقدم أبا حفص أبقاك الله، لعن الله فرعون حيث قال:{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ}، ثم سلم له العمل، ورحل".