للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ} فاستفزهم، وحقيقته: حملهم على أن يخفوا له ولما أراد منهم، وكذلك: استفز، من قولهم للخفيف: فز.

[{فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْناهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} ٥٥ - ٥٦]

{آسَفُونَا} منقول من: أسف أسفًا: إذا اشتد غضبه، ومنه الحديث في موت الفجأة: "رحمة للمؤمن وأخذة أسف للكافر". ومعناه: أنهم أفرطوا في المعاصي وعدوا طورهم، فاستوجبوا أن نعجل لهم عذابنا وانتقامنا، وأن لا نحلم عنهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (حملهم على أن يخفوا له): يعني: السين للطلب، وما طلب منهم في الحقيقة أن يخفوا له، بل احتال في تنكب آرائهم حتى يطيعوه فيما أراد منهم، مما يأباه أرباب العقول وأولو البصائر، قال محيي السنة: "يقال: استخفه على رأيه؛ إذا حمله على الجهل"، وعن بعضهم: أي: حملهم بتمويهه على أن خفوا لأمره غير مستثقلين له، فأطاعوه في تكذيب موسى ومخالفته، وجمع الجموع لمحاربته.

قوله: (وكذلك: استفز): أي: كما جاء "استخف" من الخفة لهذا المعنى، كذلك جاء "استفز" من فز؛ له.

قوله: (ومنه الحديث في موت الفجأة): روي عن رجل من الصحابة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "موت الفجأة أخذة أسف ورحمة للمؤمن"، وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "موت الفجأة أخذة أسف"، أخرج الثانية أبو داود، والأولى رواها رزين، وذكرهما صاحب "جامع الأصول".

?

<<  <  ج: ص:  >  >>