وذلك أنّ غمرات الموت حقيقة، بأن ينجو رائيها بنفسه، ويطلب الفرار عنها، وأمّا زيارتها والإقدام على مزاولتها، فأمر مستبعد، فمعنى "ثم": الإيذان بأن فعل المقدّم عليها بعد ما رآها وعاينها: شيء يستبعد في العادات والطباع، وكذلك آيات الله الواضحة الناطقة بالحق، من تليت عليه وسمعها، كان مستبعدًا في العقول إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها.
{كَأَنْ} مخففة، والأصل: كأنه لم يسمعها، والضمير ضمير الشأن، كما في قوله:
كأن ظبية تعطو إلى ناضر السّلم
ومحل الجملة: النصب على الحال، أي: يصير مثل غير السامع.
البيت: أي أن زيارة غمرات الموت بعد رؤيته إياها مستبعدة مستنكرة في العقل والعادة، وهو مع لك يزورها بعد استيقانه إياها، بالغ في مدحه. ونظيره في الاستبعاد قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا}[السجدة: ٢٢].