للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: كمعناه في قول القائل:

يرى غمرات الموت ثمّ يزورها

وذلك أنّ غمرات الموت حقيقة، بأن ينجو رائيها بنفسه، ويطلب الفرار عنها، وأمّا زيارتها والإقدام على مزاولتها، فأمر مستبعد، فمعنى "ثم": الإيذان بأن فعل المقدّم عليها بعد ما رآها وعاينها: شيء يستبعد في العادات والطباع، وكذلك آيات الله الواضحة الناطقة بالحق، من تليت عليه وسمعها، كان مستبعدًا في العقول إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها.

{كَأَنْ} مخففة، والأصل: كأنه لم يسمعها، والضمير ضمير الشأن، كما في قوله:

كأن ظبية تعطو إلى ناضر السّلم

ومحل الجملة: النصب على الحال، أي: يصير مثل غير السامع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (يرى غمرات الموت ثم يزورها): أوله:

لا يكشف الغماء إلا ابن حرة

البيت: أي أن زيارة غمرات الموت بعد رؤيته إياها مستبعدة مستنكرة في العقل والعادة، وهو مع لك يزورها بعد استيقانه إياها، بالغ في مدحه. ونظيره في الاستبعاد قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} [السجدة: ٢٢].

قوله: (كأن ظبية تعطو إلى ناضر السلم): أوله:

ويومًا توافينا بوجه مقسَّم

?

<<  <  ج: ص:  >  >>