{بَيِّناتٍ} جمع بينة، وهي الحجة والشاهد، أو واضحات مبينات، واللام في {لِلْحَقِّ} مثلها في قوله: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْرًا}[الأحقاف: ١١]، أي: لأجل الحق، ولأجل الذين آمنوا، والمراد بالحق: الآيات، وبالذين كفروا: المتلو عليهم، فوضع الظاهران موضع الضميرين؛ للتسجيل عليهم بالكفر، وللمتلوّ بالحق، {لَمَّا جاءَهُمْ} أي: بادهوه بالجحود ساعة أتاهم، وأوّل ما سمعوه من غير إجالة فكر ولا إعادة نظر، ومن عنادهم وظلمهم: أنهم سموه سحرًا مبينًا ظاهرًا أمره في البطلان لا شبهة فيه.
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ} إضراب عن ذكر تسميتهم الآيات سحرًا إلى ذكر قولهم: إن محمدًا افتراه. ومعنى الهمزة في {أَمْ}: الإنكار والتعجيب، كأنه قيل: دع هذا واسمع قولهم المستنكر المقضي منه العجب، ....
قوله:(كأنه قيل: دع هذا واسمع قولهم المستنكر): الانتصاف: "هذا الإضراب مثل الغاية التي ذكرها لكونها أزيد من الأول، فنزلت لزيادتها عليها كالمنافية لها، إذ تكذيب الآيات أبلغ من قولهم: إنها سحر، والغاية هي التي ذكرها آنفًا في قوله:{مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ} ".
قوله:(المقضي منه العجب): قيل: يقال: يقضى منه: ينهى منه، أي: يبلغ النهاية؛ من: قضى حاجته، أو يفعل؛ من: قضيت كذا: إذا فعلته، أو يحكم منه بالعجب؛ من: قضيت كذا؛ أي: حكمت به.