وقرئ:"حتى إذا استوى وبلغ أشدّه"، وبلوغ الأشد: أن يكتهل ويستوفى السنّ التي تستحكم فيها قوّته وعقله وتمييزه، وذلك إذا أناف على الثلاثين وناطح الأربعين. وعن قتادة: ثلاث وثلاثون سنة، ووجهه: أن يكون ذلك أوّل الأشد، وغايته الأربعين. وقيل: لم يبعث نبيّ قط إلا بعد أربعين سنة.
والمراد بالنعمة التي استوزع الشكر عليها: نعمة التوحيد والإسلام، وجمع بين شكري النعمة عليه وعلى والديه، لأن النعمة عليهما نعمة عليه. وقيل في العمل المرضي: هو الصلوات الخمس.
قوله:(وناطح الأربعين): الأساس: "الناطح: هو المستقبل مما يزجر".
قوله:(استوزع الشكر): الجوهري: "استوزعت الله شكره، فأوزعني، أي: استلهمته فألهمني". الراغب:"أوزعني: معناه: ألهمني، وتحقيقه: أولعني بذلك أو اجعلني بحيث أزع نفسي عن الكفران، يقال: وزعته عن كذا: كففته، وقيل: الوزوع: الولوع بالشيء، ورجل وزع".
قوله:(وقيل في العمل المرضي: هو الصلوات الخمس): هو معطوف على مقدر، أي: يجوز أن يقال في قوله: {وأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}: أنه يراد به الأعمال الصالحات مطلقًا، ويجوز أن يراد به الصلوات الخمس، والأول أوجه، لأنه علم من قوله تعالى:{نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} الإسلام والتوحيد، كما نص عليه، ويعلم من هذا الأعمال الصالحات، فيعود المعنى إلى قوله:{أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} الإسلام والتوحيد، {وأَنْ أَعْمَلَ} الأعمال الصالحات، ويجوز أن يكون من عطف الخاص على العام، وفيه إشارة إلى معنى قوله تعالى:{وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: ١٠].