{صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَرًا} أملناهم إليك، وأقبلنا بهم نحوك. وقرئ:"صرفنا" بالتشديد، لأنهم جماعة. والنفر: دون العشرة، ويجمع: أنفارًا. وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه:"لو كان ها هنا أحد من أنفارنا". {فَلَمَّا حَضَرُوهُ} الضمير للقرآن، أي: فلما كان بمسمع منهم، أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعضده قراءة من قرأ "فَلَمَّا قضى"، أي: أتمّ قراءته وفرع منها، {قَالُوا} قال بعضهم لبعض: {أَنْصِتُوا} اسكتوا مستمعين، يقال: أنصت لكذا، واستنصت له.
يعني: قولهم: هؤلاء شفعاؤنا، أو اتخذناهم آلهةً نتقرب بها إلى الله: إفك وبعض ما كانوا يفترون؛ قال الله تعالى:{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[المائدة: ١٠٣].
قوله:(وفي حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه: لو كان ها هنا أحد من أنفارنا): وحديثه على ما ذكر في "الفائق": "قال أبو ذر: قال أخي أنيس: أن لي حاجةً بمكة، فانطلق، فراث، فقلت: ما حبسك؟ قال: لقيت رجلًا على دينك يزعم أن الله أرسله، قلت: ما يقول الناس؟ قال: يقولون: ساحر شاعر كاهن، وكان أنيس أحد الشعراء، فقال: والله لقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلا يلتئم على لسان أحد، ولقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون، فقلت: اكفني حتى أنظر، قال: نعم، وكن من أهل مكة على حذر، فإنهم قد شنفوا له وتجهموا.