{كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ} ستر بإيمانهم وعملهم الصالح ما كان منهم من الكفر والمعاصي، لرجوعهم عنها وتوبتهم، {وَأَصْلَحَ بالَهُمْ} أي: حالهم وشأنهم بالتوفيق في أمور الدين، وبالتسليط على الدنيا، بما أعطاهم من النصرة والتأييد.
{ذلِكَ} مبتدأ، وما بعده خبره، أي: ذلك الأمر -وهو إضلال أعمال أحد الفريقين، وتكفير سيئات الثاني- كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهؤلاء الحق. ويجوز أن يكون {ذَلَكَ} خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر كما ذكر بهذا السبب، فيكون محل الجار والمجرور منصوبًا على هذا، ومرفوعًا على الأوّل.
و{الْباطِلَ}: ما لا ينتفع به، وعن مجاهد: الباطل: الشيطان، وهذا الكلام يسميه علماء البيان: التفسير، {كَذلِكَ} مثل ذلك الضرب {يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ}، والضمير راجع إلى الناس، أو إلى المذكورين من الفريقين، على معنى: أنه يضرب أمثالهم لأجل الناس ليعتبروا بهم.
فإن قلت: أين ضرب الأمثال؟ قلت: في أن جعل اتباع الباطل مثلًا لعمل الكفار، واتباع الحق مثلًا لعمل المؤمنين، أو في أن جعل الإضلال مثلًا لخيبة الكفار، وتكفير السيئات مثلًا لفوز المؤمنين.
قوله:(فيكون محل الجار والمجرور منصوبًا): قال صاحب "التقريب": أي: على الحال.
قوله:(أين ضرب الأمثال؟ ): يعني: معنى ضرب المثل: استعمال القول السائر المشبه مضربه بمورده، وأين ذلك هاهنا؟ وأجاب: بأن "المثل" هاهنا مستعار للتمثيل وتشبيه حالتي المؤمنين والكافرين، وصفتهم العجيبة الشأن.