ولذلك قال:{أَهْلَكْناهُمْ} كأنه قال: وكم من قوم هم أشد قوّة من قومك الذين أخرجوك أهلكناهم، ومعنى "أخرجوك": كانوا سبب خروجك. فإن قلت: كيف قال: {فَلا ناصِرَ لَهُمْ}؟ وإنما هو أمر قد مضى؟ قلت: مجراه مجرى الحال المحكية، كأنه قال: أهلكناهم فهم لا ينصرون.
"من زين له": هم أهل مكة الذين زين لهم الشيطان شركهم وعداوتهم لله ورسوله، و"من كان على بينة من ربه"- أي: على حجة من عنده وبرهان، وهو القرآن المعجز وسائر المعجزات-: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقرئ:"أمَّن كان على بينة"، وقال:{سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا} للحمل على لفظ "مَنْ" ومعناه.
فإن قلت: ما معنى قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ … كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ}؟ قلت: هو كلام في صورة الإثبات ومعنى النفي والإنكار، لانطوائه تحت حكم كلام مصدّر بحرف الإنكار،
قوله:(كأنه قال: وكم من قوم هم أشد قوة): قال مكي: " {مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} مما حذف فيه المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، أي: التي أخرجك أهلها، فحذف"الأهل"، فقام ضمير"القرية" مقامهم، فصار مرفوعًا ب"أخرج" واستتر فيه، وظهرت علامة التأنيث".
قوله:(لانطوائه تحت حكم كلام مصدر بحرف الإنكار): الانتصاف: "لقد أحسن، وفي الكلام حذف لتتم المعادلة وتصح المقابلة، أي: مثل ساكن الجنة، كقوله: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ