وقيل: هو فتح الحديبية، ولم يكن فيه قتال شديد، ولكن ترام بين القوم بسهام وحجارة، وعن ابن عباس: رموا المشركين حتى أدخلوهم ديارهم، وعن الكلبي: ظهروا عليهم حتى سألوا الصلح. فإن قلت: كيف يكون فتحًا وقد أحصروا، فنحروا وحلقوا بالحديبية؟ قلت: كان ذلك قبل الهدنة، فلما طلبوها وتمت كان فتحًا مبينًا.
وعن موسى بن عقبة: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية راجعًا، فقال رجل من أصحابه: ما هذا بفتح، لقد صدّونا عن البيت، وصد هدينا، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «بئس الكلام هذا، بل هو أعظم الفتوح، وقد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح، ........
من العلوم والهدايات التي هي ذريعة إلى الثواب والمقامات المحمودة التي صارت سببًا لغفران ذنوبه.
وفاتحة كل شيء: مبدؤه الذي يفتح به ما بعده، وقيل: افتتح فلان كذا: إذا بتدأ به، وفتح عليه كذا: إذا أعلمه ووقفه عليه، قال تعالى:{أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}[البقرة: ٧٦]، وفتح القضية فتاحًا: فصل الأمر فيها وأزال الإغلاق، قال تعالى:{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}[الأعراف: ٨٩]، والاستفتاح: طلب الفتح، قال تعالى:{وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا}[البقرة: ٨٩]، أي: يستنصرون ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: يطلبون من الله بذكره الظفر، وقيل: يستعلمون خبره مرة، ويستنبطونه من الكتب مرة.
وباب فتح: مفتوح في عامة أحواله، وغلق: بخلافه، وروي:(من وجد بابًا غلقًا وجد إلى جانبه بابًا فتحًا)".
قوله:(بالراح): الجوهري: "الراح: جمع راحة، وهي الكف، وأراح الرجل: رجعت إليه نفسه بعد الإعياء وأراح إبله؛ أي: ردها".