فقال سهيل وأصحابه: ما نعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم، ثم قال:"اكتب: هذا ما صالح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة"، فقالوا: لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة، فقال عليه الصلاة والسلام:"اكتب ما يريدون، فأنا أشهد أني رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله"، فهمّ المسلمون أن يأبوا ذلك، ويشمئزوا منه، فأنزل الله على رسوله السكينة، فتوقروا وحلموا.
و{كَلِمَةَ التَّقْوى}: "بسم الله الرحمن الرحيم" و"محمد رسول الله"، قد اختارها الله لنبيه وللذين معه؛ أهل الخير ومستحقيه ومن هم أولى بالهداية من غيرهم، وقيل: هي كلمة الشهادة، وعن الحسن: كلمة التقوى: هي الوفاء بالعهد، ومعنى إضافتها إلى التقوى: أنها سبب التقوى وأساسها، وقيل: كلمة أهل التقوى. وفي مصحف الحرث بن سويد صاحب عبد الله:"وكانوا أهلها وأحق بها"، وهو الذي دفن مصحفه أيام الحجاج.
قوله:(فأنا أشهد): قيل: معناه: المعجزة على يدي بعد الدعوى، كما أن شهادة الله إظهار المعجزة على يد النبي، أو نقول: فإذا ثبتت نبوته بالمعجزة إذا قال: أنا نبي، كان كالتوكيد والتقرير لذلك. وقلت: المعنى: أنا نبي ثابت النبوة بالمعجزة، وثابت الرسالة بإنزال الكتاب علي، سواء شهدوا أو لم يشهدوا.
قوله: (و {كَلِمَةَ التَّقْوَى}: "بسم الله الرحمن الرحيم"): روى الترمذي عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم:" {وأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى}، قال: لا إله إلا الله".
قوله:(الحارث بن سويد): قال صاحب "جامع الأصول": "هو من كبار تابعي الكوفة وثقاتهم، وقد سئل أحمد بن حنبل عنه، قال: مثل هذا يسأل عنه؟ ! يعني: لجلالة قدره وعلو منزلته، وروى عن ابن مسعود، مات في آخر أيام عبد الله بن الزبير".