{وَالَّذِينَ مَعَهُ} أصحابه، {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ} جمع شديد ورحيم، ونحوه:
{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ}[المائدة: ٥٤]، {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ٧٣]، {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: ١٢٨]، وعن الحسن: بلغ من تشدّدهم على الكفار: أنهم كانوا يتحرّزون من ثيابهم أن تلزق بثيابهم، ومن أبدانهم أن تمس أبدانهم، وبلغ من ترحمهم فيما بينهم أنه كان لا يرى مؤمن مؤمنًا إلا صافحه وعانقه.
والمصافحة: لم تختلف فيها الفقهاء، وأما المعانقة: فقد كرهها أبو حنيفة رحمه الله،
قوله:(ونحوه: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}): أي: هو من أسلوب التكميل، فإنه لو اكتفى بقوله:{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} لأوهم أن ذلك للعجز، فكمل بقوله:{أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}، فاقترن بما ينبئ عن التواضع، ولا يؤدي إلى التكبر، كذا قوله:{أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ}: لو اكتفى به لأوهم الفظاظة والغلظة، فكمل بقوله:{رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}، يعني: أنهم مع كونهم أشداء على الأعداء رحماء فيما بينهم أرباب وقار وترحم.
قوله:(والمصافحة: لم يختلف فيها الفقهاء): عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله واستغفراه غفر لهما" أخرجه أبو داود، وفي رواية الترمذي:"ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا".
وقال الشيخ محيي الدين النواوي في "الأذكار": "المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس بعد صلاة الصبح والعصر فلا أصل له، ولكن لا بأس به، فإن أصل المصافحة سنة، وكونهم محافظين عليها في بعض الأوحوال، ومفرطين في كثير منها: لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها. وقد ذكر الشيخ الإمام أبو محمد ابن عبد السلام في كتابه "القواعد": أن البدع على خمسة أقسام: واجبة ومحرمة ومكروهة