للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تعلبوا صوركم»، وعن ابن عمر رضي الله عنه: أنه رأى رجلًا قد أثر في وجهه السجود، فقال: إن صورة وجهك أنفك، فلا تعلب وجهك، ولا تشن صورت؟ . قلت: ذلك إذا اعتمد بجبهته على الأرض لتحدث فيه تلك السمة، وذلك رياء ونفاق يستعاذ بالله منه، ونحن فيما حدث في جبهة السجاد الذي لا يسجد إلا خالصًا لوجه الله، وعن بعض المتقدّمين: كنا نصلى فلا يرى بين أعيننا شيء، ونرى أحدنا الآن يصلى فيرى بين عينيه ركبة العنز، فما ندري: أثقلت الأرؤس أم خشنت الأرض. وإنما أراد بذلك من تعمد ذلك للنفاق.

وقيل: هو صفرة الوجه من خشية الله. وعن الضحاك: ليس بالندب في الوجوه، ولكنه صفرة. وعن سعيد بن المسيب: ندى الطهور وتراب الأرض. وعن عطاء: استنارت وجوههم من طول ما صلوا بالليل، كقوله: «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فلا تعلب وجهك): العلب_ بفتح العين المهملة وسكون اللام_: الأثر.

النهاية: "في حديث ابن عمر: "أنه رأى رجلًا بأنفه أثر السجود، فقال: لا تعلب صورتك يقال: علبه: إذا وسمه وأثر فيه، والعلب والعلب: الأثر، أي: لا تؤثر فيها بشدة اتكائك على أنفك في السجود".

قوله: (ليس بالندب في الوجوه): النهاية: "الندب_ بالتحريك_: أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد".

قوله: (استنارت وجوههم من طول ما صلوا): قال الإمام: "هو ما يظهره الله في وجوه الساجدين نهارًا إذا قاموا بالليل متهجدين، هذا محقق لما يشاهد الفرق بين الساهر في اللهو واللعب، وبين الساهر في الذكر والشكر، أي: نورهم في وجوههم لتوجههم نحو الحق، ومن يحاذي الشمس يتنور وجهه، على أن نورها عارضي، والله نور السماوات

<<  <  ج: ص:  >  >>