للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[{إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {٤ - ٥]

والوراء: الجهة التي يواريها عنك الشخص بظله من خلف أو قدام، و {مِن} لابتداء الغاية، وأنّ المناداة نشأت من ذلك المكان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما التركيب الأول_ وهو قوله: {الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ} إلى قوله {لِلتَّقْوَى} _ ففيه خواص:

إحداها: إيقاع "الغاضين أصواتهم" اسمًا لـ"إن" المؤكدة، وفائدته توكيد مضمون الجملة وتقريره، مع تصوير ما كان يصدر من أولئك الكلمة في حضرة الرسالة من التأديب الله. نحوه في التقرير: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} [يوسف: ٢٣].

وثانيها: تصيير خبرها جملة من مبتدأ وخبر، وفائدته الحصر المستفاد من تعريفها، نحو: زيد المنطلق، يعني: هم الذين شرفهم الله تعالى بإخلاص القلوب دون غيرهم، تعريضًا بأولئك الذين لم يعضوا أصواتهم.

وثانيها: إيقاع المبتدأ الثاني اسم إشارة؛ ليؤذن بأن من سبق ذكره إنما امتحن الله قلوبهم لأنهم اكتسبوا تلك الفضيلة بها.

وأما التركيب الثاني ففيه فائدتان: إحداهما: قطعها عن الجملة الأولى، فأخلاها عن الرابط اللفظي_ وهو الفاء_ لتحرك أريحية السامع، وتحمله على: ما جزاء أولئك السادة في العقبى، ليضم مع اختصاصهم بهذه المنقبة الأسنى؟ فيجاب: بأن لهم عند الله القربى والزلفى.

وثانيتهما: تنكير" المغفرة" ليدل على ضرب عظيم في بابه، لا يكتنه كنهه، ولا يقادر قدره.

لله در المصنف في إبراز هذه المحاسن، وفي إرشاده إلى جهات تلك النكات.

قوله: (بطلله): الجوهري: "يقال: حيا الله طللك، وطلالتك، يعني: شخصك"، فقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>