أو ذا عاهة في بدنه، أو غير لبيق في محادثته، فلعله أخلص ضميرًا، وأتقى قلبًا، ممن هو على ضدّ صفته، فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله، والاستهانة بمن عظمه الله.
ولقد بلغ بالسلف إفراط توقيهم وتصونهم من ذلك أن قال عمرو بن شرحبيل: لو رأيت رجلًا يرضع عنزًا، فضحكت منه، خشيت أن أصنع مثل الذي صنعه. وعن عبد الله بن مسعود: البلاء موكل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحوّل كلبًا.
وفي قراءة عبد الله:"عسوا أن يكونوا" و"عسين أن يكن"، فـ"عسى" على هذه القراءة هي ذات الخبر، كالتي في قوله:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ}[محمد: ٢٢]، وعلى الأولى: التي لا خبر لها، كقوله:{وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا}[البقرة: ٢١٦].
واللمز: الطعن والضرب باللسان. وقرئ:"ولا تلمزوا" بالضم، والمعنى: وخصوا أنفسكم -أيها المؤمنون- بالانتهاء عن عيبها والطعن فيها، ولا عليكم أن تعيبوا غيركم ممن لا يدين بدينكم، ولا يسير بسيرتكم، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اذكروا الفاجر بما فيه، كي يحذره الناس»، وعن الحسن في ذكر الحجاج: أخرج إلي بنانًا قصيرة قلما عرقت فيها الأعنة في سبيل الله،
قوله:(أو غير لبيق): الجوهري: "اللبيق: الرجل الحاذق".
قوله:(قلما عرقت فيها الأعنة): وعن بعضهم: أي: يأخذ بالأعنة في الجهاد حتى يعرق ويبتل بالعرق.
وقلت: هو مما روينا عن مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من خير معاش الناس لهم: رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة_ أو فزعة_ طار على متنه يبتغي القتل أو الموت مظانه".